أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ تَعَلَّقَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ، هُوَ حُصُولُ الْإِفْطَارِ بِضَرْبٍ مِنْ الْمَأْثَمِ. فَأَثْبَتْنَا الْمَعْنَى بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ اسْتَدْلَلْنَا عَلَيْهِ بِمَا وَصَفْنَا، وَلَيْسَ ذَلِكَ قِيَاسًا فِي إثْبَاتِ الْكَفَّارَةِ وَلَا غَيْرِهَا.
وَأَمَّا امْتِنَاعُ جَوَازِ قِيَاسِ الْمَنْصُوصِ عَلَى الْمَنْصُوصِ. فَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا سَلَفَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وَحَكَيْنَا مَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي " السِّيَرِ " فِي هَذَا الْبَابِ. فَكَرِهْتُ إعَادَتَهُ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَيْضًا فِيمَا تَقَدَّمَ امْتِنَاعَ جَوَازِ النَّسْخِ بِالْقِيَاسِ، وَامْتِنَاعَ جَوَازِ تَخْصِيصِ عُمُومِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الثَّابِتَةِ، الَّذِي لَمْ (يَثْبُتْ خُصُوصُهُ) .
وَامْتِنَاعَ إثْبَاتِ الْأَسْمَاءِ قِيَاسًا: (فَإِنَّ) الْأَصْلَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْحَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ.
فَمِنْهَا: أَسْمَاءُ الْأَجْنَاسِ كَقَوْلِك حَيَوَانٌ، وَجِنٌّ، وَإِنْسٌ، وَرَجُلٌ، وَفَرَسٌ، وَخَمْرٌ، وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ. هَذَا الضَّرْبُ مِنْ الْأَسْمَاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ اللُّغَةِ.
وَمِنْهَا: أَسْمَاءُ الْأَشْخَاصِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِهِ الشَّخْصُ الْوَاحِدُ، لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَلَا يُفِيدُ فِيهِ مَعْنًى، وَإِنَّمَا هُوَ لَقَبٌ لُقِّبَ بِهِ، لِتَعْرِيفِهِ وَتَمْيِيزِهِ مِنْ غَيْرِهِ، كَقَوْلِك: زَيْدٌ، وَعَمْرٌو، وَخَالِدٌ. وَلَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِاللُّغَةِ، وَلَا بِمَوْضُوعَاتِ أَهْلِهَا وَاصْطِلَاحِهِمْ.
لِأَنَّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ مَا شَاءَ، غَيْرَ مَحْظُورٍ بِذَلِكَ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: أَسْمَاءٌ هِيَ أَوْصَافٌ لِلْمُسَمَّى بِهَا، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أَفْعَالِ الْمَوْصُوفِينَ (بِهَا) ، أَوْ أَحْوَالٍ يَكُونُونَ عَلَيْهَا، أَوْ صِفَاتٍ يَكُونُونَ بِهَا. كَقَوْلِك: قَائِمٌ، وَقَاعِدٌ، وَمُؤْمِنٌ، وَكَافِرٌ، وَأَحْمَرُ، وَأَسْوَدُ، وَحَيٌّ، وَقَادِرٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.