وَمنع السُّهيْلي ذَلِك فِي الْآيَة الْمُتَقَدّمَة وَجعل جَوَاب {إِذا} فِي قَوْله تَعَالَى {قلت لَا أجد} وَقَوله {توَلّوا وأعينهم} إِخْبَارًا عَنْهُم وثناء عَلَيْهِم لِأَنَّهَا نزلت فِي قوم مخصوصين عرفُوا بأعيانهم قَالَ وَالْكَلَام غير مُحْتَاج إِلَى الْعَطف بِالْوَاو لِأَنَّهُ مُرْتَبِط بِمَا قبله كالتفسير لَهُ
قلت وَكَذَلِكَ الْمَنْع أَيْضا مُتَوَجّه فِي قَوْله {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناعمة} إِذْ لَا ضَرُورَة إِلَى الْعَطف وَيجوز أَن يكون ذَلِك جملَة ابتدائية مستأنفة وَأما الأبيات وَإِن تَضَمَّنت إِضْمَار حرف الْعَطف فَفِيهَا كلامان أَحدهمَا أَنَّهَا قَليلَة جدا بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي الْكَلَام فَلَا يَقْتَضِي ذَلِك جَوَازًا عَاما وَالثَّانِي أَنَّهَا وَإِن اقْتَضَت الْجَوَاز فَيَنْبَغِي أَن يقْتَصر بِهِ على مَا كَانَ مثلهَا حَيْثُ يكون المعطوفان متجاور غير متراخ بعضهما عَن بعض كَمَا روى أَبُو زيد من قَوْلهم أكلت لَحْمًا لَبَنًا تَمرا ليدل ذَلِك دلَالَة ظَاهِرَة على تَقْدِير العاطف بِخِلَاف مَا إِذا تخَلّل فصل فَإِنَّهُ لَا يبْقى فِي قُوَّة الْكَلَام دلَالَة على تَقْدِيره
وَقد ذكر السُّهيْلي أَن الْبَيْت الْمُتَقَدّم
(كَيفَ أَصبَحت كَيفَ أمسيت)
لم يرد الشَّاعِر فِيهِ الْعَطف إِذْ لَو أَرَادَ ذَلِك لانحصر إِثْبَات الود فِي هَاتين الْكَلِمَتَيْنِ من غير مواظبة وَلَا اسْتِمْرَار عَلَيْهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يَجْعَل أول الْكَلَام تَرْجَمَة على سَائِر الْبَاب يُرِيد الِاسْتِمْرَار على هَذَا الْكَلَام والمواظبة عَلَيْهِ وعَلى مثله هُوَ الجالب للود وَالله أعلم