وَكَذَلِكَ قَوْله {مناع للخير مُعْتَد} لِأَن المناع يمْنَع خير نَفسه والمعتدي يعتدي على غَيره وَنَفسه فِي الرُّتْبَة قبل غَيره

وَكَذَلِكَ قَوْله {يأتوك رجَالًا وعَلى كل ضامر} لِأَن الْغَالِب أَن من يَأْتِي رَاجِلا يكون من مَكَان قريب والراكب يَأْتِي من مَكَان بعيد على أَنه قد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ وددت أَنِّي حججْت رَاجِلا لِأَن الله تَعَالَى قدم الرجالة على الركْبَان فِي الْقُرْآن فَجعله ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ من بَاب تَقْدِيم الْفَاضِل على الْمَفْضُول

وَمَا قدم أَيْضا اعْتِبَارا بِالسَّبَبِ فِي تَقْدِيمه على الْمُسَبّب قَوْله تَعَالَى {حب الشَّهَوَات من النِّسَاء والبنين}

وَمِثَال التَّقْدِيم بِالْفَضْلِ والشرف قَوْله تَعَالَى {من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ} وَمِنْه تَقْدِيم السّمع على الْبَصَر وَتَقْدِيم سميع على بَصِير

وَجعل السُّهيْلي رَحمَه الله من ذَلِك تَقْدِيم الْجِنّ على الْإِنْس فِي غَالب الْمَوَاضِع قَالَ لِأَن الْجِنّ يَشْمَل الْمَلَائِكَة وَغَيرهم مِمَّا اجتن على الْأَبْصَار قَالَ تَعَالَى {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} وَالْمرَاد بهم الْمَلَائِكَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015