وَثَالِثهَا

مَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسلم أَن خَطِيبًا قَامَ بَين يَدي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ (من يطع الله وَرَسُوله فقد رشد وَمن يعصهما فقد غوى) وَالدّلَالَة من هَذَا ظَاهِرَة فَإِنَّهَا لَو كَانَت لمُطلق الْجمع لم يكن بَين الْكَلَامَيْنِ فرق

وَأجَاب عَنهُ جمَاعَة من أَئِمَّة الْأُصُول وَغَيرهم بِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا أنكر عَلَيْهِ لإتيانه بالضمير الْمُقْتَضِي للتسوية فَأمره بالْعَطْف وإفراد اسْم الله تَعَالَى تَعْظِيمًا لَهُ بِتَقْدِيم اسْمه بِدَلِيل أَن مَعْصِيّة الله مَعْصِيّة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَذَلِكَ الْعَكْس فَلَا تَرْتِيب بَينهمَا بل كل مِنْهُمَا مستلزمة لِلْأُخْرَى

وَهَذَا الْجَواب يرد عَلَيْهِم شَيْئَانِ

أَحدهمَا قَوْلهم إِن معصيتهما لَا تَرْتِيب فِيهَا فَإِن كَانَ المُرَاد التَّرْتِيب الزماني فَمُسلم وَلَا يلْزم مِنْهُ عدم التَّرْتِيب مُطلقًا فَإِن التَّرْتِيب تَارَة يكون بِالزَّمَانِ وَتارَة يكون بالرتبة

وَإِن كَانَ المُرَاد بِهِ عدم التَّرْتِيب مُطلقًا فَلَيْسَ ذَلِك بِصَحِيح لِأَن فِيهَا التَّرْتِيب بالرتبة إِذْ لَا شكّ أَن مَعْصِيّة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرتبَة على مَعْصِيّة الله تَعَالَى وَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا يسْتَلْزم الْأُخْرَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015