وَإِذا ثَبت أَنَّهَا اسْتعْملت فِي مَوَاضِع لَا يَصح فِيهَا التَّرْتِيب وَلَا تكون فِيهَا إِلَّا للْجمع الْمُطلق امْتنع اسْتِعْمَالهَا فِي التَّرْتِيب لِأَن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى الِاشْتِرَاك وَهُوَ على خلاف الأَصْل
وَهَذَا الْوَجْه هُوَ الَّذِي عول جُمْهُور أَئِمَّة الْعَرَبيَّة عَلَيْهِ وَقد اعْترض عَلَيْهِ بِأُمُور
أَحدهَا مَا تقدم أَن التَّرْتِيب لما امْتنع فِي هَذِه الصُّور لم يمْتَنع جعلهَا فِي الْجمع الْمُطلق على وَجه الْمجَاز بِدَلِيل تعذر التَّرْتِيب وللأدلة الدَّالَّة على أَنَّهَا للتَّرْتِيب
وَثَانِيها أَنه لَا يلْزم من التَّجَوُّز بِالْوَاو فِي هَذِه الْأَمْثِلَة فِي غير التَّرْتِيب أَن يتجوز فِيهَا بِالْفَاءِ وَثمّ إِذْ لَو قيل بذلك لَكَانَ قِيَاسا فِي اللُّغَة وَلَو سلمنَا جَرَيَان الْقيَاس فِيهَا فَهُنَا لَا يلْزم ذَلِك لقِيَام الْفرق وَهُوَ أَن الْفَاء وَثمّ يقتضيان التَّرْتِيب بطرِيق التعقيب والتراخي وَالْوَاو لَيْسَ كَذَلِك بل هِيَ لمُطلق التَّرْتِيب
على أَنه قد دخلت الْفَاء فِي بَيت كَمَا تقدم من قَول امْرِئ الْقَيْس
(بَين الدُّخُول فحومل)
وَغَيره وَدخلت أَو فِي سيان فِي قَول الشَّاعِر
(وَكَانَ سيان أَن لَا يسرحوا نعما ... أَو يسرحوه بهَا واغبرت السوح)