فَتَقول قَامَ زيد وَقَامَ عَمْرو وَضربت زيدا وَضربت عمرا وَمِنْه قَول الْأنْصَارِيّ
(بل بَنو النجار إِن لنا ... فيهم قَتْلَى وَإِن تره)
وَالْمرَاد قَتْلَى وتره ثمَّ أظهر إِن فَدلَّ على ذَلِك
وَاعْترض الْجُمْهُور على هَذَا القَوْل بِأَن الأَصْل عدم التَّقْدِير إِلَّا أَن يقوم دَلِيل وَلَا دَلِيل هُنَا وَبِأَن حذف الْفِعْل بعد الْحَرْف إِنَّمَا كَانَ لضرب من الإيجاز والاختصار وإعماله يُؤذن بإرادته وَذَلِكَ يُنَاقض الْغَرَض من حذفه
وَقَول السُّهيْلي إِن مَا بعد حرف الْعَطف لَا يعْمل فِيهِ مَا قبله هُوَ عين الْمُتَنَازع فِيهِ فَكيف يَجْعَل دَلِيلا
وَكَذَلِكَ قَوْله إِن الصّفة لَا يعْمل فِيهَا الْعَامِل فِي المنعوت مَمْنُوع بل الْأَظْهر أَنه الْعَامِل فِيهَا هُوَ أولى بِالْعَمَلِ فِيهَا من الْمَعْطُوف وَأما ظُهُور الْفِعْل بعد حرف الْعَطف فَهُوَ فِي حَالَة الظُّهُور غير النَّوْع الأول لِأَن حَالَة ظُهُوره يكون من بَاب عطف الْجُمْلَة على الْجُمْلَة وَالْأول من بَاب عطف الْمُفْرد على الْمُفْرد
وَالْفرق بَين المقامين أَنَّك إِذا قلت قَامَ زيد وَعَمْرو كَانَ ذَلِك مقتضيا تَثْنِيَة الدَّعْوَى بقيامهما لَا على وَجه التَّصْرِيح بذلك وَإِذا قلت قَامَ زيد وَقَامَ عَمْرو كَانَ فِيهِ التَّصْرِيح بتثنية الدَّعْوَى بقيامهما لقُوَّة التَّأْكِيد بِإِعَادَة الْفِعْل ثَانِيًا وَحِينَئِذٍ