وَقَالَ أَبُو عَليّ إِنَّمَا حذف الْفِعْل الَّذِي يعْمل فِي رب لِأَن الْعَامِل فِي الْجَار وَالْمَجْرُور مَحْذُوف إِذا دلّ الْكَلَام عَلَيْهِ ثمَّ مثله بقوله تَعَالَى {فِي تسع آيَات إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه} فَإِن قَوْله {إِلَى فِرْعَوْن} مُتَعَلق بِمَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ الْكَلَام تَقْدِيره مُرْسلا
وَشبه بَعضهم الِاسْتِغْنَاء بِالصّفةِ عَن الْعَامِل فِي رب وواوها باستغنائهم بِالصّفةِ عَن الْخَبَر فِي قَوْلهم أقل رجل يَقُول كَذَا ف أقل مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَيَقُول صفة لرجل وَخبر الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف اسْتغْنَاء بِالصّفةِ لِأَنَّهُ فِي معنى مَا يَقُول ذَلِك رجل فَأَما قَول امْرِئ الْقَيْس
أَلا رب يَوْم قد لهوت وَلَيْلَة ... )
فَإِنَّهُ حذفت فِيهِ صفة لَيْلَة لدلَالَة مَا تقدم من صفة يَوْم عَلَيْهَا وَأَيْضًا فلكونه مَعْطُوفًا على مجرور رب اغتفر فِيهِ ذَلِك لتوسط الْمَوْصُوف بَينه وَبَينهَا وَلَا يلْزم أَن يغْتَفر مثله فِي الْمَجْرُور بهَا لاتصاله
وَأما قَوْله فِي الْبَيْت الْمُتَقَدّم
(وَأسرى من معشر أقيال ... )
فَفِيهِ ثَلَاثَة أجوبة أَحدهمَا أَنَّهَا فِي مَوضِع الصّفة كَأَنَّهُ قَالَ كائنين من معشر أقيال وَثَانِيها أَنَّهَا حذفت الصّفة لدلَالَة مَا تقدم عَلَيْهَا كَمَا فِي الَّذِي ذَكرْنَاهُ آنِفا فَكَأَنَّهُ قَالَ وَأسرى من معشر أقيال أخذتهم لِأَن هراقته للرفد أَخذ لَهُ فِي الْمَعْنى فَكَانَ فِيهِ دلَالَة على مَا بعده