عَليّ الْفَارِسِي فِيهِ وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون عطفا على أَن يَأْتِي حملا على الْمَعْنى دون اللَّفْظ لِأَن معنى عَسى الله أَن يَأْتِي وَعَسَى أَن يَأْتِي الله وَاحِد وَالتَّقْدِير عَسى أَن يَأْتِي الله بِالْفَتْح وَأَن يَقُول الَّذين آمنُوا وَيكون ذَلِك كَقَوْلِه تَعَالَى {لَوْلَا أخرتني إِلَى أجل قريب فَأَصدق وأكن من الصَّالِحين} على قِرَاءَة من جزم وأكن لِأَنَّهُ لما كَانَ الْمَعْنى أخرني إِلَى أجل قريب أصدق لما يَقْتَضِيهِ التحضيض من معنى الْأَمر حمل أكن على الْجَزْم الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَعْنى فِي قَوْله {فَأَصدق} وَإِنَّمَا حمل على الْمَعْنى دون اللَّفْظ لما فِي الْحمل على اللَّفْظ من الِامْتِنَاع من جِهَة أَنه لَا يَصح عَسى الله أَن يَأْتِي وَعَسَى الله أَن يَقُول الَّذين آمنُوا كَمَا لَا يَصح عَسى زيد أَن يقوم عَمْرو
وَالثَّانِي أَن يكون قَوْله {أَن يَأْتِي بِالْفَتْح} بَدَلا من اسْم الله عز وَجل كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أنسانيه إِلَّا الشَّيْطَان أَن أذكرهُ} ثمَّ عطف وَيَقُول على أَن يَأْتِي فَيكون التَّقْدِير عَسى أَن يَأْتِي وَأَن يَقُول الَّذين آمنُوا وَيكون دَاخِلا فِي اسْم عَسى وَاسْتغْنى عَن خَبَرهَا بِمَا تضمنه اسْمهَا من الْحَدث
وَذكر غَيره وَجها ثَالِثا وَهُوَ أَن يكون مَعْطُوفًا على لفظ يَأْتِي وَهُوَ خبر عَسى وَيقدر فِي الْمَعْطُوف ضمير مَحْذُوف تَقْدِيره وَيَقُول الَّذين آمنُوا بِهِ
وَأما الزَّمَخْشَرِيّ فَلم يقدر شَيْئا من ذَلِك بل أطلق القَوْل بِأَنَّهُ عطف على {أَن يَأْتِي} وَذكر النّحاس وَجها رَابِعا وَهُوَ أَن يكون مَعْطُوفًا على الْفَتْح لِأَن مَعْنَاهُ بِأَن يفتح فأضمر أَن قبل يَقُول فَيكون نَصبه من بَاب مَا نَحن فِيهِ على حد قَوْلهم
(للبس عباءة وتقر عَيْني ... )
وَيكون الْمَقْصُود هُوَ الْمَجْمُوع