32 - فصل فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن يتَخَرَّج إعرابها على مَا نَحن فِيهِ

1 - فَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَلَا تلبسوا الْحق بِالْبَاطِلِ وتكتموا الْحق وَأَنْتُم تعلمُونَ}

قَالَ سِيبَوَيْهٍ فِي كِتَابه إِن شِئْت جعلت {وتكتموا} على النَّهْي وَإِن شِئْت جعلته على الْوَاو

فَذكر احْتِمَالَيْنِ فِي الْآيَة أَحدهمَا أَن تكون الْوَاو عاطفة و {تكتموا} مَجْزُومًا بِالنَّهْي وَرجح هَذَا الْجِرْجَانِيّ وَغَيره من جِهَة أَن النَّهْي عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا على حِدته لَا عَن الْجمع بَينهمَا

وَالثَّانِي أَن تكون الْوَاو جَامِعَة و {تكتموا} مَنْصُوبًا على مَا تقدم وَيكون النَّهْي عَن الْجمع بَينهمَا مثل لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن لايكون كل وَاحِد مِنْهُمَا مَنْهِيّا عَنهُ بمفرده

وأجبت بِأَن هَذَا إِنَّمَا يلْزم أَن لَو لم يكن نهي عَنهُ إِلَّا فِي هَذِه الْآيَة بل ذَلِك مَعْلُوم من أَدِلَّة أخر غير هَذِه الْآيَة وَمن رجح هَذَا الْوَجْه استأنس فِيهِ بقوله تَعَالَى {وَأَنْتُم تعلمُونَ} كَأَنَّهُ قَالَ لَا يجْتَمع مِنْكُم لبس وكتمان مَعَ علمكُم بِحَقِيقَة الْحَال وَذَلِكَ أقوى فِي الشناعة عَلَيْهِم لأَنهم إِنَّمَا نهوا عَن شَيْء كَانُوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015