الْحُرِّيَّة سَابِقَة على الْأَدَاء إِذْ الْحَال لَا يسْبق صَاحبه كَمَا أَن الصّفة لَا تسبق الْمَوْصُوف
وَمِنْهُم من قَالَ قَوْله وَأَنت حر وَأَنت آمن من الْأَحْوَال الْمقدرَة كَقَوْلِه تَعَالَى {فادخلوها خَالِدين} فَمَعْنَى الْكَلَام أد إِلَيّ ألفا مُقَدرا للحرية فِي حَال الْأَدَاء فَتكون الْحُرِّيَّة معلقَة بِالْأَدَاءِ
وَمِنْهُم من قَالَ هُوَ من بَاب الْقلب تَقْدِيره كن حرا وَأَنت مؤد ألفا وَكن آمنا وَأَنت نَازل وَإِنَّمَا حمل على هَذَا لِأَنَّهُ لَا يَصح تَعْلِيق الْأَدَاء وَالنُّزُول بِمَا دخل عَلَيْهِ الْوَاو إِذْ التَّعْلِيق إِنَّمَا يَصح فِيمَا يَصح تنجيزه وَلَيْسَ فِي قدرَة الْمُتَكَلّم تَنْجِيز الْأَدَاء وَالنُّزُول من الْمُخَاطب فَلم يَصح تَعْلِيقه فَلذَلِك قيل إِنَّه من المقلوب وَالْوُجُوه الأول أقوى
وَأما قَوْله أَنْت طَالِق وَأَنت مَرِيضَة أَو وَأَنت تصلين فَإِن الْجُمْلَة الأولى تَامَّة بِنَفسِهَا وَالثَّانيَِة تصلح للْحَال فَصحت لَهُ بِالنِّيَّةِ كَمَا فِي نظائرها وَقَوْلها طَلقنِي وَلَك عَليّ ألف قَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يصلح ذَلِك للالزام وتستحق الْألف بِطَلَاقِهَا حملا على الْحَال أَو يكون الْوَاو فِيهِ بِمَعْنى الْبَاء مجَازًا والمقتضي للمجاز قرينَة الْخلْع فَإِنَّهُ مُعَاوضَة كَمَا إِذا قَالَ احْمِلْ هَذَا الطَّعَام وَلَك دِرْهَم فَإِنَّهُ يسْتَحقّهُ بِحمْلِهِ
وَقَالَ أَبُو حنيفَة قرينَة الْخلْع لَا تصلح دَلِيلا للمعاوضة حَتَّى يحمل عَلَيْهَا فَإِن الْمُعَاوضَة لَيست بأصلية فِي الطَّلَاق بل هِيَ عارضة فِيهِ بِخِلَاف قَوْله احْمِلْ كَذَا وَلَك دِرْهَم لِأَن الْمُعَاوضَة فِي الْإِجَارَة أَصْلِيَّة وَإِذا لم تكن