وَالَّذِي اخْتَارَهُ السكاكي فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ أَن الْعَطف فيهمَا على قل مرَادا مُقَدرا قبل {يَا أَيهَا النَّاس} و {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} قَالَ لِأَن إِرَادَة القَوْل بِوَاسِطَة انصباب الْكَلَام إِلَى مَعْنَاهُ كثير وَذكر مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وأنزلنا عَلَيْكُم الْمَنّ والسلوى كلوا} وَقَوله {وَإِذ أَخذنَا ميثاقكم ورفعنا فَوْقكُم الطّور خُذُوا} وَقَوله {وَإِذ جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس وَأمنا وَاتَّخذُوا} أَي قُلْنَا أَو قائلين وَنَحْو ذَلِك
وَفِي هَذَا الَّذِي قَالَه السكاكي نظر لِأَنَّهُ لَا يلْزم من إِضْمَار القَوْل مَوضِع الْحَال تَقْدِيره أمرا أول الْكَلَام من غير دَلِيل يدل عَلَيْهِ
وَاخْتَارَ بعض شُيُوخنَا أَن يكون الْأَمر فِي الْآيَتَيْنِ مَعْطُوفًا على مُقَدّر يدل عَلَيْهِ مَا قبله وَهُوَ فِي الْآيَة الأولى فَأَنْذر أَو نَحوه أَي فأنذرهم وَبشر الَّذين آمنُوا وَفِي الثَّانِيَة فأبشر أَو نَحوه أَي فأبشر يَا مُحَمَّد وَبشر الْمُؤمنِينَ وَهَذَا كَمَا قدر الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {لأرجمنك واهجرني مَلِيًّا}