الْوَاحِد لموصوف وَاحِد فَلم يحْتَج إِلَى عطف فَلَمَّا ذكر الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وهما متلازمان أَو كالمتلازمين يستمدان من مَادَّة وَاحِدَة كغفران الذَّنب وَقبُول التوب حسن الْعَطف ليبين أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا مُعْتَد بِهِ على حِدته لَا يَكْفِي مِنْهُ مَا يحصل فِي ضمن الآخر بل لَا بُد من أَن يُؤْتى بِكُل مِنْهُمَا بمنفرده فَحسن الْعَطف لذَلِك وَأَيْضًا فَلَمَّا كَانَ الْأَمر وَالنَّهْي ضدين من جِهَة أَن أَحدهمَا طلب الإيجاد وَالْآخر طلب الإعدام كَانَا كالنوعين المتغايرين فِي قَوْله {ثيبات وأبكارا} فَحسن الْعَطف لذَلِك
فَأَما قَوْله {سَبْعَة وثامنهم كلبهم} فَإِن الْوَاو لم يدْخل هُنَا دون مَا قبله إِلَّا لفائدة وَهِي التَّقْدِير لِأَن عدتهمْ سَبْعَة فَقَوله فِي الجملتين الْأَوليين {رابعهم كلبهم} {سادسهم كلبهم} هما من تَتِمَّة الْمَقُول وَلذَلِك أتبعه بقوله تَعَالَى {رجما بِالْغَيْبِ} وَالْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى {وثامنهم كلبهم} قَائِمَة مقَام التَّصْدِيق لذَلِك تَقْدِيره نعم وثامنهم كلبهم كَمَا إِذا قَالَ الْقَائِل زيد كَاتب فَتَقول لَهُ وشاعر وَيكون ذَلِك تَحْقِيقا لقَوْله الأول وَلذَلِك لم يقل سُبْحَانَهُ بعده {رجما بِالْغَيْبِ} كَمَا قَالَ فِي الْأَوليين وَقَالَ {قل رَبِّي أعلم بِعدَّتِهِمْ مَا يعلمهُمْ إِلَّا قَلِيل} وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ أَنا من الْقَلِيل
وَنَظِير هَذَا قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} بعد قَوْله {وَجعلُوا أعزة}