وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} الْآيَة بكمالها ثمَّ قَالَ عقيبها {وآتينا مُوسَى الْكتاب} الْآيَة
قُلْنَا أما الْآيَة الأولى فسؤالهم إِنَّمَا كَانَ عَن الْحِكْمَة فِي نُقْصَان الْأَهِلّة وتمامها فَكَأَنَّهُ قيل لَهُم مَعْلُوم أَن كل مَا يَفْعَله الله سُبْحَانَهُ فَهُوَ حِكْمَة ظَاهِرَة وَفِيه الْمصلحَة لِعِبَادِهِ فدعوا السُّؤَال عَنهُ وانظروا إِلَى وَاحِدَة تفعلونها أَنْتُم لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْبر وَأَنْتُم تحسبونها برا وَيحْتَمل أَن يكون ذكر ذَلِك على وَجه الاستطراد فَإِنَّهُ لما بَين أَن من الْحِكْمَة فِي الْأَهِلّة مَوَاقِيت الْحَج ذكر مَا يعتاده بَعضهم من شَيْء كَانَ يَظُنّهُ سنة وَهُوَ أَنه إِذا قدم من الْحَج لَا يدْخل بَيته إِلَى من ظَهره على وَجه الاستطراد عِنْد ذكر الْحَج كَمَا فِي قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {هِيَ عصاي أتوكأ عَلَيْهَا وأهش بهَا على غنمي ولي فِيهَا مآرب أُخْرَى}
وَأما آيَة الْإِسْرَاء فَالْمَعْنى فِيهَا أطلعناه على الْغَيْب عيَانًا وأخبرناه بوقائع من سلف ليَكُون ذَلِك تنويعا فِي معجزاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي سُبْحَانَ الَّذِي أطلعك على بعض آيَاته وأخبرك بِمَا جرى لمُوسَى وَقَومه ليَكُون فِيهَا آيَة أُخْرَى
وَجَمِيع مَا فِي الْقُرْآن من الْجمل المعطوفة الْمُنَاسبَة فِيهَا ظَاهِرَة لمن تأملها وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق