وَاحِدَة بِلَا شكّ فَإِذن مَا لَا نِهَايَة لَهُ أَكثر مِمَّا لَا نِهَايَة لَهُ بِنَحْوِ إِحْدَى عشرَة ألف مرّة وَهَذَا محَال لما قدمنَا وَلِأَن مَا لَا نِهَايَة لَهُ فَلَا يُمكن الْبَتَّةَ أَن يكون عدد أَكثر مِنْهُ بِوَجْه من الْوُجُوه فَوَجَبت فِي الزَّمَان من قبل ابْتِدَائه ضَرُورَة وَلَا مخلص مِنْهَا
وَيجب أَيْضا من ذَلِك أَن الْحس يُوجب ضَرُورَة أَن أشخاص الْإِنْس مُضَافَة إِلَى أشخاص الْخَيل أَكثر من أشخاص الْإِنْس مُفْردَة عَن أشخاص الْخَيل وَلَو كَانَت الْأَشْخَاص لَا نِهَايَة لَهَا لوَجَبَ أَن مَا لَا نِهَايَة لَهُ أَكثر مِمَّا لَا نِهَايَة لَهُ وَهَذَا محَال مُمْتَنع لَا يتشكل فِي الْعقل وَلَا يُمكن وَأَيْضًا فَلَا شكّ فِي أَن الزَّمَان مذ كَانَ إِلَى وَقت الْهِجْرَة جُزْء للزمان مذ كَانَ إِلَى وقتنا هَذَا وَبلا شكّ أَيْضا فِي أَن الزَّمَان مذ كَانَ إِلَى وقتنا هَذَا كل للزمان مذ كَانَ إِلَى وَقت الْهِجْرَة وَلما بعده إِلَى وقتنا هَذَا فَلَا يَخْلُو الحكم فِي هَذِه الْقَضِيَّة من أحد ثَلَاثَة أوجه لَا رَابِع لَهَا إِمَّا أَن يكون الزَّمَان مذ كَانَ مَوْجُودا إِلَى وقتنا هَذَا أَكثر من الزَّمَان مذ كَانَ إِلَى عصر الْهِجْرَة وَإِمَّا أَن يكون أقل مِنْهُ وَإِمَّا أَن يكون مُسَاوِيا لَهُ فَإِن كَانَ الزَّمَان مذ كَانَ إِلَى وقتنا هَذَا من الزَّمَان مذ كَانَ إِلَى وَقت الْهِجْرَة فَالْكل أقل من الْجُزْء والجزء أَكثر من الْكل وَهَذَا هُوَ الِاخْتِلَاط وَعين الْمحَال إِذْ لَا يخيل على أحد أَن الْكل أَكثر من الْجُزْء وَهَذَا مَا لَا شكّ فِيهِ ببديهة الْعَمَل وضرورة الْحس وَإِن كَانَ مُسَاوِيا لَهُ فَالْكل مسَاوٍ للجزء وَهَذَا عين الْمحَال والتخليط وَإِن كَانَ أَكثر مِنْهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا شكّ فِيهِ فالزمان مذ كَانَ إِلَى وَقت الْهِجْرَة ذُو نِهَايَة وَمعنى الْجُزْء إِنَّمَا هُوَ إبعاض الشَّيْء وَمعنى الْكل إِنَّمَا هُوَ جملَة الإيعاض فَالْكل والجزء واقعان فِي كل ذِي أبعاض والعالم ذُو أبعاض هَكَذَا تُوجد حاملاته ومحمولاته وأزمانها فالعالم كل لَا بعاضه وإبعاضه أَجزَاء لَهُ وَالنِّهَايَة كَمَا قدمنَا لَازِمَة لكل ذِي كل وَذي أَجزَاء وَالزَّمَان هُوَ مُدَّة بَقَاء الجرم سَاكِنا أَو متحركاً وَلَو فَارقه لم يكن الجرم مَوْجُودا وَلَا كَانَ الزَّمَان أَيْضا مَوْجُودا والجرم وَالزَّمَان موجودان فكلاهما لم يُفَارق صَاحبه
وَالزَّمَان ذُو أول والجرم ذُو أول وَهَذَا مِمَّا لَا انفكاك لَهُ الْبَتَّةَ وَأما مَا لم يَأْتِ بعد من زمَان أَو شخص أَو عرض فَلَيْسَ كل ذَلِك شَيْئا فَلَا يَقع على شَيْء من ذَلِك عدد وَلَا نِهَايَة وَلَا يُوصف بِشَيْء أصلا لِأَنَّهُ لَا وجود لَهُ بعد فَإِذا وجد لزمَه حِينَئِذٍ مَا لزم سَائِر مَا قد وجد من أجناسه وأنواعه من النِّهَايَة وَالْعدَد وَغير ذَلِك من الصِّفَات
وَأَيْضًا فَلَا شكّ فِي أَن مَا وَقع من الزَّمَان وَوجد من الزَّمَان إِلَى يَوْمنَا هَذَا مسَاوٍ لما من يَوْمنَا هَذَا إِلَى مَا وَقع من الزَّمَان معكوساً وواجب فِيهِ الزِّيَادَة بِمَا يَأْتِي من الزَّمَان والمساوى