غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ فِيهِ خَالِصَةً لِلَّهِ - تَعَالَى - فِي نَصِيحَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ حُكَّامِهِمْ، وَفِي ضَبْطِ شَرَائِعِهِمْ أَمَّا مَتَى كَانَ لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ أَوْ تَفَكُّهٍ بِالْأَعْرَاضِ وَجَرْيًا مَعَ الْهَوَى فَذَلِكَ حَرَامٌ، وَإِنْ حَصَلَتْ بِهِ الْمَصَالِحُ عِنْدَ الْحُكَّامِ وَالرُّوَاةِ فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ قَدْ تَجُرُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَنْ قَتَلَ كَافِرًا يَظُنُّهُ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ عَاصٍ بِظَنِّهِ، وَإِنْ حَصَلَتْ الْمَصْلَحَةُ بِقَتْلِ الْكَافِرِ، وَكَذَلِكَ مَنْ يُرِيقُ خَمْرًا وَيَظُنُّهُ خَلًّا انْدَفَعَتْ الْمَفْسَدَةُ بِفِعْلِهِ، وَاشْتُرِطَ أَيْضًا فِي هَذَا الْقِسْمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوَادِحِ الْمُخِلَّةِ بِالشَّهَادَةِ أَوْ الرِّوَايَةِ فَلَا يَقُولُ هُوَ ابْنُ زِنًا، وَلَا أَبُوهُ لَاعَنَ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُؤْلِمَاتِ الَّتِي لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ
(الثَّالِثَةُ) الْمُعْلِنُ بِالْفُسُوقِ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ
فَمِثْلُك حُبْلَى قَدْ طَرَقْت وَمُرْضِعٌ
فَيَفْتَخِرُ بِالزِّنَا فِي شِعْرِهِ فَلَا يَضُرُّ أَنْ يُحْكَى ذَلِكَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَلَّمُ إذَا سَمِعَهُ بَلْ قَدْ يُسَرُّ بِتِلْكَ الْمَخَازِي فَإِنَّ الْغِيبَةَ إنَّمَا حُرِّمَتْ لِحَقِّ الْمُغْتَابِ وَتَأَلُّمِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْلَنَ بِالْمَكْسِ وَتَظَاهَرَ بِطَلَبِهِ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَالْمُلُوكِ وَفَعَلَهُ وَنَازَعَ فِيهِ أَبْنَاءَ الدُّنْيَا وَأَبْنَاءَ جِنْسِهِ كَثِيرٌ مِنْ اللُّصُوصِ يَفْتَخِرُ بِالسَّرِقَةِ وَالِاقْتِدَارِ عَلَى التَّسَوُّرِ عَلَى الدُّورِ الْعِظَامِ وَالْحُصُونِ الْكِبَارِ فَذِكْرُ مِثْلِ هَذَا عَنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ لَا يَحْرُمُ فَإِنَّهُمْ لَا يَتَأَذَّوْنَ بِسَمَاعِهِ بَلْ يُسَرُّونَ
(الرَّابِعَةُ) أَرْبَابُ الْبِدَعِ وَالتَّصَانِيفِ الْمُضِلَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِرَ النَّاسُ فَسَادَهَا وَعَيْبَهَا وَأَنَّهُمْ عَلَى غَيْرِ الصَّوَابِ لِيَحْذَرَهَا النَّاسُ الضُّعَفَاءُ فَلَا يَقَعُوا فِيهَا، وَيُنَفَّرُ عَنْ تِلْكَ الْمَفَاسِدِ مَا أَمْكَنَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُتَعَدَّى فِيهَا الصِّدْقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبَ الَّذِي يَصْطَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ لِمَنْ وَجَدَهُ» .
(وَمِنْهَا) «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَسْرِ دِنَانِ الْخَمْر وَشَقِّ ظُرُوفِهَا» . (وَمِنْهَا) «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِتَحْرِيقِ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ» . (وَمِنْهَا) «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ خَيْبَرَ بِكَسْرِ الْقُدُورِ الَّتِي طُبِخَ فِيهَا لَحْمُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ ثُمَّ اسْتَأْذَنُوهُ فِي غَسْلِهَا فَأَذِنَ لَهُمْ» فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ بِالْكَسْرِ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً. (وَمِنْهَا) «هَدْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَسْجِدِ الضِّرَارِ» . (وَمِنْهَا) «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيقِ مَتَاعِ الَّذِي غَلَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ» . (وَمِنْهَا) إضْعَافُ الْغُرْمِ عَلَى سَارِقِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ مِنْ التَّمْرِ وَالْكَسْرِ. (وَمِنْهَا) إضْعَافُ الْغُرْمِ عَلَى كَاتِمِ الضَّالَّةِ. (وَمِنْهَا) أَخْذُهُ شَطْرَ مَالِ مَانِعِ الزَّكَاةِ غَرْمَةً مِنْ غَرَامَاتِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. (وَمِنْهَا) أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَابِسَ خَاتَمِ الذَّهَبِ بِطَرْحِهِ فَطَرَحَهُ فَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ أَحَدٌ. (وَمِنْهَا) «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ نَخِيلِ الْيَهُودِ إغَاظَةً لَهُمْ» . (وَمِنْهَا) تَحْرِيقُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلْمَكَانِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ. (وَمِنْهَا) تَحْرِيقُ عُمَرَ قَصْرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا احْتَجَبَ فِيهِ عَنْ الرَّعِيَّةِ وَصَارَ يَحْكُمُ فِي دَارِهِ (وَمِنْهَا) مُصَادَرَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عُمَّالَهُ بِأَخْذِ شَطْرِ أَمْوَالِهِمْ فَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ضَرَبَ الَّذِي زَوَّرَ عَلَى نَقْشِ خَاتَمِهِ، وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مِائَةً ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِائَةً ثُمَّ ضَرَبَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِائَةً. (وَمِنْهَا) أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا وَجَدَ مَعَ السَّائِلِ مِنْ الطَّعَامِ فَوْقَ كِفَايَتِهِ وَهُوَ يَسْأَلُ أَخْذَ مَا مَعَهُ، وَأَطْعَمَهُ إبِلَ الصَّدَقَةِ. (وَمِنْهَا) أَنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَرَاقَ اللَّبَنَ الْمَغْشُوشَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ تَعْدَادُهُ، وَهَذِهِ قَضَايَا صَحِيحَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَالَ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ: وَأَكْثَرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَائِعَةٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبَعْضُهَا شَائِعٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَمَنْ قَالَ إنَّ الْعُقُوبَةَ الْمَالِيَّةَ مَنْسُوخَةٌ فَقَدْ غَلِطَ عَلَى مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ نَقْلًا وَاسْتِدْلَالًا، وَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ دَعْوَاهُ نَسْخَهَا كَيْفَ وَفِعْلُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَأَكَابِرِ الصَّحَابَةِ لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبْطِلٌ لِدَعْوَى نَسْخِهَا وَالْمُدَّعُونَ لِلنَّسْخِ لَيْسَ مَعَهُمْ كِتَابٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا إجْمَاعٌ يُصَحِّحُ دَعْوَاهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمْ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ فَمَذْهَبُ أَصْحَابِهِ عِيَارٌ عَلَى الْقَبُولِ وَالرَّدِّ اهـ.
قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَالتَّعْزِيرُ بِالْمَالِ قَالَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ، وَلَهُمْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرْتُ مِنْهُ فِي كِتَابِ الْحِسْبَةِ طَرَفًا فَمِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ. (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ اللَّبَنِ الْمَغْشُوشِ أَيُهْرَاقُ؟ . قَالَ لَا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ إذَا كَانَ هُوَ الَّذِي غَشَّهُ وَقَالَ فِي الزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ الْمَغْشُوشِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكَثِيرِ فَقَالَ يُبَاعُ الْمِسْكُ وَالزَّعْفَرَانُ إلَى مَنْ لَا يَغِشُّ بِهِ وَيُتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ. (الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) أَفْتَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْأَنْدَلُسِيِّ فِي الْمَلَاحِمِ الرَّدِيئَةِ النَّسْجِ بِأَنْ تُحْرَقَ، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ بِتَقْطِيعِهَا وَالصَّدَقَةِ بِهَا خِرَقًا.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) إذَا اشْتَرَى عَامِلُ الْقِرَاضِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ قَرِيبُهُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ الْعَبْدُ وَغَرِمَ الْعَامِلُ ثَمَنَهُ وَحِصَّةَ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ يَوْمَ الشِّرَاءِ رِبْحٌ وَوَلَاؤُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ فِيمَا فَعَلَ. (الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) مَنْ وَطِئَ أَمَةً لَهُ مِنْ مَحَارِمِهِ مِمَّنْ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ يُعَاقِبُ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ، وَإِخْرَاجُهَا عَنْ مِلْكِهِ كُرْهًا مِنْ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ. (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْفَاسِقُ إذَا آذَى جَارَهُ، وَلَمْ يَنْتَهِ تُبَاعُ عَلَيْهِ الدَّارُ وَهُوَ عُقُوبَةٌ فِي الْمَالِ وَالْبَدَنِ. (الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) مَنْ مَثَّلَ بِأَمَتِهِ عَتَقَتْ عَلَيْهِ وَذَلِكَ عُقُوبَةٌ بِالْمَالِ اهـ.
(الْوَجْهُ الرَّابِعُ) مِنْ الْفُرُوقِ