نَظِيرُهُ ضُمِنَ بِنِصْفِهَا مُنْفَرِدًا كَالْأُذُنِ وَالْيَدِ. الرَّابِعُ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْقَوْلُ بِانْتِقَالِ النُّورِ الْبَاصِرِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ نِصْفُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعَيْنِ غَيْرِ الْعَوْرَاءِ لِأَنَّهُمَا عُمُومَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْأَحْوَالِ فَيُقَيَّدَانِ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَعَنْ الثَّالِثِ الْفَرْقُ بِانْتِقَالِ قُوَّةِ الْعَيْنِ الْأُولَى بِخِلَافِ الْأُذُنِ وَالْيَدِ، وَلَوْ انْتَقَلَ الْتَزَمْنَاهُ وَعَنْ الرَّابِعِ لَا يَلْزَمُ إطْرَاحُ الْأَوَّلِ إذْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِمَا فَاحْوَلَّتَا أَوْ عَمَشَتَا أَوْ نَقَصَ ضَوْءُهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ لِمَا نَقَصَ، وَلَا تَنْقُصُ الدِّيَةُ عَمَّنْ جَنَى ثَانِيًا عَلَى قَوْلٍ عِنْدَنَا، وَهَذَا السُّوَالُ قَوِيٌّ عَلَيْنَا، وَكَانَ يَلْزَمُنَا أَنْ نَقْلَعَ بِعَيْنَيْهِ عَيْنَيْنِ اثْنَيْنِ مِنْ الْجَانِي.
(تَفْرِيعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ فِيهَا أَلْفٌ وَإِنْ أَخَذَ فِي الْأُولَى دِيَتَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: يُسْأَلُ عَنْ السَّمْعِ فَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ فَكَالْعَيْنَيْنِ، وَإِلَّا فَكَالْيَدِ، وَإِنْ أُصِيبَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ بَصَرِهَا ثُمَّ أُصِيبَ بَاقِيهِمَا فِي ضَرْبَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ بِهِمَا نِصْفَ نَظَرِهِمَا فَإِنْ أُصِيبَ بَاقِي إحْدَاهُمَا فَرُبُعُ الدِّيَةِ فَإِنْ أُصِيبَ بَعْدَ ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْأُخْرَى فَنِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أُقِيمَ مَقَامَ نِصْفِ جَمِيعِ بَصَرِهِ فَإِنْ أَخَذَ صَحِيحٌ نِصْفَ دِيَةِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ أُصِيبَ بِنِصْفِ الصَّحِيحَةِ فَثُلُثُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ مِنْ جَمِيعِ بَقِيَّةِ بَصَرِهِ ثُلُثَهُ وَإِنْ أُصِيبَ بِبَقِيَّةِ الْمُصَابَةِ فَقَطْ فَرُبُعُ الدِّيَةِ فَإِنْ ذَهَبَ بَاقِيهَا وَالصَّحِيحَةُ بِضَرْبَةٍ فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ أَوْ الصَّحِيحَةُ وَحْدَهَا فَثُلُثَا الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا ثُلُثَا بَصَرِهِ فَإِنْ أُصِيبَ بَقِيَّةُ الْمُصَابَةِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ بِخِلَافِ لَوْ أُصِيبَتْ وَالصَّحِيحَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً، وَأَنَّهُ يَلْتَبِسُ بِالْمُعْجِزَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَأَنَّهُ يَلْتَبِسُ بِتِسْعِ حَقَائِقَ مِنْ عُلُومِ الشَّرْعِ الَّتِي جَمَعَهَا سَيِّدِي عَبْدُ اللَّهِ الْعَلَوِيُّ فِي نَظْمِهِ رُشْدِ الْغَافِلِ وَشَرْحِهَا وَهِيَ أَنْوَاعُهُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْخَوَاصُّ الْمَنْسُوبَةُ لِلنُّفُوسِ وَالطَّلْسَمَاتِ وَالْأَوْفَاقِ وَالْعَزَائِمِ وَالِاسْتِخْدَامَات يَفْتَقِرُ إلَى تَوْضِيحِ جِهَاتِهِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي ثَلَاثِ مَقَاصِدَ.
(الْمَقْصِدُ الْأَوَّلُ) الْقَدَرِيَّةُ عَلَى أَنَّ السِّحْرَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً، وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ.
(الْجِهَةِ الْأُولَى) قَالَ الْأَصْلُ: اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي السِّحْرِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ إلَّا رُقًى أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى عَادَتَهُ أَنْ يَخْلُقَ عِنْدَهَا افْتِرَاقَ الْمُتَحَابِّينَ اهـ.
يُرِيدُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْآخَرُ إنَّهُ كَمَا يَكُونُ بِالرُّقَى الْمَذْكُورَةِ كَذَلِكَ يَكُونُ بِغَيْرِهَا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا حَكَاهُ عَنْ الطُّرْطُوشِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ مِنْ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَطَعَ أُذُنًا ثُمَّ أَلْصَقَهَا أَوْ أَدْخَلَ السَّكَاكِينَ فِي بَطْنِهِ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا سِحْرًا، وَقَدْ لَا يَكُونُ سِحْرًا اهـ. وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي كَلَامُ الْأَصْلِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ مِنْ أَنَّ حَقِيقَتَهُ أَنَّهُ كَلَامٌ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ خَصَّهُ بِالرُّقَى الْمُكَفِّرَةِ فَافْهَمْ.
(الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ) هَلْ يُؤَثِّرُ فِي الْمَسْحُورِ فَيَمُوتُ أَوْ يَتَغَيَّرُ طَبْعُهُ وَعَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْهُ وَهُوَ مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ أَوْ يَجُوزُ أَنْ يُؤَثِّرَ إنْ وَصَلَ إلَى بَدَنِهِ كَالدُّخَانِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلَانِ.
(الْجِهَةِ الثَّالِثَةِ) هَلْ يَقَعُ فِيهِ مَا لَيْسَ مَقْدُورًا لِلْبَشَرِ كَأَنْ يَصِلَ إلَى إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَفَلْقِ الْبَحْرِ، وَإِنْطَاقِ الْبَهَائِمِ وَقَلْبِ الْجَمَادِ حَيَوَانًا وَعَكْسِهِ كَمَا يَقَعُ فِيهِ مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ أَوْ لَا يَقَعُ فِيهِ إلَّا مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ قَوْلَانِ الثَّانِي لِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْقَاضِي قَالَ: وَلَا يَقَعُ فِيهِ إلَّا مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَفَلْقِ الْبَحْرِ، وَإِنْطَاقِ الْبَهَائِمِ، وَمِنْهُمْ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: قَالَ وَقَدْ يَقَعُ التَّغْيِيرُ بِهِ وَالضَّنِي، وَرُبَّمَا أَتْلَفَ، وَأَوْجَبَ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ وَالْبَلَهَ وَفِيهِ أَدْوِيَةٌ مِثْلُ الْمَرَائِرِ وَالْأَكْبَادِ وَالْأَدْمِغَةِ فَهَذَا الَّذِي يَجُوزُ عَادَةً، وَأَمَّا طُلُوعُ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ أَوْ نَقْلُ الْأَمْتِعَةِ وَالْقَتْلُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْعَمَى وَالصَّمَمُ وَنَحْوُهُ وَعِلْمَ الْغَيْبِ فَمُمْتَنِعٌ، وَإِلَّا لَمْ يَأْمَنْ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ الْعَدَاوَةِ وَقَدْ وَقَعَ الْقَتْلُ وَالْعِنَادُ مِنْ السَّحَرَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ فِيهَا أَحَدٌ هَذَا الْمَبْلَغَ، وَقَدْ وَصَلَ الْقِبْطُ فِيهِ إلَى الْغَايَةِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ مِنْ الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَالتَّغَيُّبِ وَالْهُرُوبِ عِنْدَ قَطْعِ فِرْعَوْنَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ.
وَمِنْهُمْ الْعَلْقَمِيُّ قَالَ كَمَا فِي الْعَزِيزِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْحَقُّ أَنَّ لِبَعْضِ أَسْبَابِ السِّحْرِ تَأْثِيرًا فِي الْقُلُوبِ كَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَفِي الْبَدَنِ بِالْأَلَمِ وَالسَّقَمِ، وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ أَنَّ الْجَمَادَ يَنْقَلِبُ حَيَوَانًا وَعَكْسَهُ بِسِحْرِ السَّاحِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ اهـ. وَحَكَى ابْنُ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَائِنَا جَوَّزُوا أَنْ يَسْتَدِقَّ جِسْمُ السَّاحِرِ حَتَّى يَلِجَ فِي الْكَوَّةِ وَيَجْرِيَ عَلَى خَيْطٍ مُسْتَدَقٍّ وَيَطِيرَ فِي الْهَوَاءِ وَيَقْتُلَ غَيْرَهُ.
(وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ) أَيَّدَهُ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الشَّاطِّ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ، وَمَا هُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى الْجَائِزَةِ عَقْلًا فَلَا غَرْوَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَالِكَ مَانِعٌ سَمْعِيٌّ مِنْ وُقُوعِ بَعْضِ تِلْكَ الْجَائِزَاتِ. قَالَ: وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَفَلْقِ الْبَحْرِ وَإِنْطَاقِ الْبَهَائِمِ الَّذِي حَكَاهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ إلَّا التَّوْقِيفُ، وَلَا أَعْرِفُ الْآنَ صِحَّةَ ذَلِكَ الْإِجْمَاعِ، وَلَا التَّوْقِيفَ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ اهـ.
وَقَالَ الْأَصْلُ: وَوُصُولُهُ إلَى الْقَتْلِ وَتَغْيِيرِ الْخَلْقِ وَنَقْلِ الْإِنْسَانِ إلَى صُورَةِ الْبَهَائِمِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ، وَقَدْ كَانَ الْقِبْطُ