. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــSالشَّرْعِ مَنْ دَخَلَ الدَّارَ فَهُوَ كَافِرٌ قَضَيْنَا بِكُفْرِهِ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ فَهُوَ فَرْضٌ مُحَالٌ، وَلَا يُخْبِرُ صَاحِبُ الشَّرْعِ عَنْ إنْسَانٍ بِالْكُفْرِ إلَّا إذَا كَفَرَ، وَقَوْلُهُمْ هُوَ دَلِيلُ الْكُفْرِ مَمْنُوعٌ، وَقَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ أَخْبَرَ بِذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ قُلْنَا حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى مَا هُوَ كُفْرٌ مِنْ السِّحْرِ لَا مُحَالٌ فِيهِ غَايَتُهُ دُخُولُ التَّخْصِيصِ فِي الْعُمُومِ بِالْقَوَاعِدِ وَهَذَا هُوَ شَأْنُنَا فِي الْعُمُومَاتِ.
وَأَمَّا التَّكْفِيرُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْكُفْرِ فَهُوَ خِلَافُ الْقَوَاعِدِ، وَلَا شَاهِدَ لَهُ بِالِاعْتِبَارِ، وَأَيُّ دَلِيلٍ دَلَّنَا عَلَى أَنَّ تَعَلُّمَ السِّحْرِ أَوْ تَعْلِيمَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْكُفْرِ وقَوْله تَعَالَى {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] فَالْجَوَابُ عَنْهُ قَوْلُهُ {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102] نَمْنَعُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ {كَفَرُوا} [البقرة: 102] بَلْ إخْبَارٌ عَنْ حَالِهِمْ بَعْدَ تَقَرُّرِ كُفْرِهِمْ بِغَيْرِ السِّحْرِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ الْمَقْصُودُ إذَا كَانَتْ الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ مُفَسِّرَةً لِلْأُولَى سَلَّمْنَا أَنَّهَا مُفَسِّرَةٌ لَهَا لَكِنْ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ السِّحْرَ كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْكُفْرِ، وَكَانَتْ الشَّيَاطِينُ تَعْتَقِدُ مُوجِبَ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ كَالنَّصْرَانِيِّ إذَا عَلَّمَ الْمُسْلِمَ دِينَهُ فَإِنَّهُ يَعْتَقِدُ مُوجِبَهُ.
وَأَمَّا عِلْمُ الْمُسْلِمِ دِينَ النَّصْرَانِيِّ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ وَيَتَأَمَّلَ فَسَادَ قَوَاعِدِهِ فَلَا يَكْفُرُ الْمُعَلِّمُ وَلَا الْمُتَعَلِّمُ وَهَذَا التَّقْيِيدُ عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ.
وَأَمَّا جَعْلُ التَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ مُطْلَقًا كُفْرًا فَخِلَافُ الْقَوَاعِدِ وَلْنَقْتَصِرْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى غَوْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قُلْتُ نَقَلْتُ هَذَا الْفَصْلَ بِجُمْلَتِهِ لِافْتِقَارِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إلَى مُقَدِّمَةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ تَمْهِيدُهَا وَهِيَ أَنَّ كَوْنَ أَمْرٍ مَا كُفْرٌ أَيَّ أَمْرٍ كَانَ لَيْسَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَقْلِيَّةِ بَلْ هُوَ مِنْ الْأُمُورِ الْوَضْعِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَزِمَهُ بِمُوجِبِ الْعَقْدِ بِيَمِينِهِ، وَالْحُكْمُ بِالْفَسْخِ بَيْنَهُمَا يَدْخُلُ فِي أَبْوَابٍ كَثِيرَةٍ مِنْهُمَا اخْتِلَافُ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَاخْتِلَافُهُمَا يَرْجِعُ إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَوْعًا يَقَعُ التَّحَالُفُ فِي أَحَدَ عَشَرَ نَوْعًا: (النَّوْعُ الْأَوَّلُ) أَنْ يَخْتَلِفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا هَذِهِ دَنَانِيرُ، وَيَقُولُ الْآخَرُ ثَوْبٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَفَاسَخَانِ إذْ لَيْسَ تَصْدِيقُ أَحَدِهِمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، وَيَرُدُّ الْمُبْتَاعُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ عِنْدَ الْفَوَاتِ نَعَمْ فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ هِيَ الْأَثْمَانُ، وَبِهَا يَقَعُ الْبَيْعُ
(النَّوْعُ الثَّانِي) أَنْ يَخْتَلِفَا فِي نَوْعِ الثَّمَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا هُوَ قَمْحٌ، وَيَقُولُ الْآخَرُ هُوَ شَعِيرٌ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَا
(النَّوْعُ الثَّالِثُ) أَنْ يَخْتَلِفَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا بِعِشْرِينَ، وَيَقُولُ الْآخَرُ بِعَشَرَةٍ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِذَا تَرَجَّحَتْ دَعْوَى الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ السِّلْعَةِ فَفِيهَا أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُصَدَّقُ فِي الثَّمَنِ مَعَ يَمِينِهِ لِقُوَّةِ الْيَدِ (الثَّانِيَةُ) أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَأَنْ قَبْضَهُمَا مَا لَمْ يَبْنِ بِهَا، وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ بِالْبَيْنُونَةِ، وَالرِّوَايَتَانِ لِابْنِ وَهْبٍ (الثَّالِثَةُ) أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَإِنْ قَبَضَهَا، وَبَانَ بِهَا مَا لَمْ تَفُتْ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبِهَا أَخَذَ (الرَّابِعَةُ) أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَإِنْ فَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَيَرُدُّ الْقِيمَةَ بَدَلَ الْعَيْنِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ، وَبِهَا أَخَذَ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا، وَأَنَا أُفْتِي بِهِ أَيْضًا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ الْقِيمَةَ مَا لَمْ تَكُنْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ فَالْبُدَاءَةُ بِالْبَائِعِ، وَقِيلَ بِالْمُشْتَرِي، وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَلَوْ تَنَاكَلَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ كَمَا إذَا تَحَالَفَا.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَمْضِي الْعَقْدُ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ، وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُلْزِمَ صَاحِبَهُ الْبَيْعَ بِمَا ذَكَرَ؟ قَوْلَانِ، وَإِذْ قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فَهَلْ يَفْتَقِرُ الْبَائِعُ إلَى يَمِينٍ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَهَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ أَوْ يَفْتَقِرُ إلَى الْحُكْمِ؟ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ إنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ تَحَالَفَا بِأَمْرِ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ، وَإِلَّا انْفَسَخَ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ
(النَّوْعُ الرَّابِعُ) إذَا اخْتَلَفَا فِي تَعْجِيلِ الثَّمَنِ، وَتَأْجِيلِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت بِنَقْدٍ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِنَسِيئَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الْعُرْفَ مَعَ يَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ عُرْفٌ فَقَالَ الْقَاسِمُ يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينٍ، وَإِنْ قَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينٍ، وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ، وَقِيلَ إنْ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَجَلًا قَرِيبًا يَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْفَوَاتِ، وَإِنْ ادَّعَى أَجَلًا بَعِيدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ مَعَ الْفَوَاتِ، وَيَتَحَالَفَانِ، وَيَتَفَاسَخَانِ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ، وَاخْتَلَفَا فِي انْقِضَائِهِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِيهِ مَعَ يَمِينٍ
(النَّوْعُ الْخَامِسُ) إذَا اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ، وَالْبَتِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي الْبَتُّ مَعَ يَمِينٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْخِيَارِ، وَقِيلَ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي تَقَدَّمَ اخْتِلَافُهُمَا فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ دُونَ الْآخَرِ فَاخْتَلَفَ