وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا»
(الشَّرْطُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ لِيَصِحَّ مُقَابَلَةُ الثَّمَنِ لَهُ
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ حَذَرًا مِنْ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَنَحْوِهَا لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ
(الشَّرْطُ الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ وَالْمَبِيعُ مَمْلُوكَيْنِ لِلْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ أَوْ مَنْ أُقِيمَا مَقَامَهُ فَهَذِهِ شُرُوطٌ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ دُونَ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِ وَشِرَاءَهُ مُحَرَّمٌ وَفِي الشُّرُوطِ مَسْأَلَتَانِ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
فِي الشَّرْطِ الثَّانِي قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ يَكْفِي أَصْلُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ قَلَّتْ وَقَلَّتْ قِيمَتُهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى إلَى آخِرِهَا)
قُلْت مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ فَرْقَ الْحَنَفِيَّةِ يَنْدَفِعُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا أَرْضَعَتْ كَبِيرًا فَحَرُمَ عَلَيْهَا لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ لِجَعْلِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ لِقَصْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا لَمْ يَقْنَعْ بِأَخْذِهِ مِنْ شَرْطِ الِانْتِفَاعِ لِخَفَائِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ اهـ.
أَيْ فَاحْتَاجَ إلَى زِيَادَةِ شَرْطِ الْإِبَاحَةِ لِكَوْنِ أَخْذِهِ مِنْهُ ظَاهِرًا لَا خَفَاءَ فِيهِ وَفِي حَاشِيَةِ كنون وَقَوْلِ الْبُنَانِيِّ مَا مَنَافِعُهُ كُلُّهَا مُحَرَّمَةٌ أَيْ فَلَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَمِثْلُهُ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَآلَةِ اللَّهْوِ، وَقَالَ الْحَطَّابُ مَثَّلَهُ الْقَرَافِيُّ بِالْخَمْرِ وَالْمُطْرِبَاتِ، وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ آلَةِ اللَّهْوِ شَيْئًا كَبُوقٍ وَغَيْرِهِ فُسِخَ بَيْعُهُ وَأُدِّبَ أَهْلُهُ وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَشْيَاءَ مِنْهَا الصُّوَرُ وَالْقِرْدُ وَآلَةُ الْمَلَاهِي اهـ.
وَقَالَ ابْنُ جُزَيٍّ فِي قَوَانِينِهِ مَا نَصُّهُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لَا تَجُوزُ فَهِيَ كَالْعَدَمِ كَآلَاتِ اللَّهْوِ اهـ. وَفِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ وَمِنْ مَسَائِلِهِمْ الْمَشْهُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ بَيْعِ لَبَنِ الْآدَمِيَّةِ إذَا حُلِبَ فَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُجَوِّزَانِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجَوِّزُهُ وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَعَارُضُ أَقْيِسَةِ الشَّبَهِ وَذَلِكَ أَنَّ عُمْدَةَ الْمُجِيزِ أَنَّهُ لَبَنٌ أُبِيحَ شُرْبُهُ فَأُبِيحَ بَيْعُهُ قِيَاسًا عَلَى لَبَنِ سَائِرِ الْأَنْعَامِ وَعُمْدَةُ الْمَانِعِ أَنَّ الْإِنْسَانَ حَيَوَانٌ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِهِ قِيَاسًا عَلَى لَبَنِ الْخِنْزِيرِ وَالْأَتَانِ وَإِنَّهُ إنَّمَا أُبِيحَ شُرْبُهُ لِمَكَانِ ضَرُورَةِ الطِّفْلِ إلَيْهِ اهـ مُلَخَّصًا.
وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ أَوْ يَصِحُّ بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ أَيْ فِي مَذْهَبِنَا، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ قِيَاسًا عَلَى لَبَنِ الْغَنَمِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ - لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ حَيَوَانٍ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَبَنِ الْغَنَمِ بِشَرَفِ الْآدَمِيِّ أَيْ فَلَا يَتِمُّ الْقِيَاسُ الْمُتَقَدِّمُ وَلَا يُرَدُّ إبَاحَةُ لَبَنِهِ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ مِنْ الرَّضَاعِ لِلضَّرُورَةِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْأَنْعَامِ بِدَلِيلِ تَحْرِيمِ لَحْمِهِ تَشْرِيفًا لَهُ نَعَمْ يَنْدَفِعُ الْفَرْقُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا أَرْضَعَتْ كَبِيرًا فَحَرُمَ عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا عَلَى إلْغَاءِ هَذَا الْفَرْقِ اهـ.
قَالَ ابْنُ الشَّاطِّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا يَنْدَفِعُ بِذَلِكَ لِجَعْلِ رَضَاعِ الْكَبِيرِ لِقَصْدِ ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ دَاخِلًا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ لِلضَّرُورَةِ اهـ. (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ)
فِي الشَّرْطِ الْخَامِسِ قَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ مُقْتَضَى مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ شَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ أَيْ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ شَرْطٌ فِي الشِّرَاءِ فِي صِحَّتِهِ دُونَ الْبَيْعِ اهـ. وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ صِحَّةَ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَشِرَائِهِ وَالْأَصْلُ بَعْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ إثْرَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ وَيُوجِبُ عَلَى نَفْسِهِ تَحْصِيلَ ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ نَزَلَ ذَلِكَ فَلِرَبِّهَا إمْضَاءُ الْبَيْعِ كَمَنْ غَصَبَ سِلْعَةً وَالْمُشْتَرِي يَعْلَمُ بِالْغَصْبِ وَمَنَعَ أَشْهَبُ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْفَسَادِ وَالْغَرَرِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ أَيْ الْمَنْعُ الْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَسْأَلَتَيْ الْفُضُولِيِّ وَالْغَصْبِ اهـ. قَالَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا النَّقْلُ يَقْتَضِي أَنَّ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِعَدَمِ الْمِلْكِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ أَمَّا إذَا عَلِمَ أَيْ بِعَدَمِ الْمِلْكِ فَلَا عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْ، فَلَيْسَ لَهُ الْإِمْضَاءُ اهـ.
وَفِي مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ وَمِلْكُ غَيْرِ عَلَى رِضَاهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي قَالَ عبق مَا حَاصِلُهُ أَيْ وَتَصَرُّفُ مِلْكِ غَيْرٍ أَيْ فِيهِ أَوَّلُهُ فَيَشْمَلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهُ الْمَشْهُورُ لَا جَوَازُهُ وَلَا بُدَّ بِهِ كَمَا لِلطَّرَّازِ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْمَقَاصِدِ وَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَالِ الْمَالِكِ إنَّهُ الْأَصْلَحُ لَهُ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرٍ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فَلَهُ إجَازَتُهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَيَطْلُبُ الْفُضُولِيَّ فَقَطْ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ صَارَ وَكِيلًا وَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ وَطُولِبَ بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ وَلَا طَلَبَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَهُ رَدُّهُ لَكِنْ بِالْقُرْبِ فَإِنْ سَكَتَ مَعَ الْعِلْمِ عَامًا فَلَا رَدَّ لَهُ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا طَلَبُ الثَّمَنِ فَإِنْ سَكَتَ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِثَلَاثَةِ قُيُودٍ
(أَحَدُهَا) أَنْ لَا يَكُونَ الْمَالِكُ حَاضِرًا بَيْعَ الْفُضُولِيِّ فَإِنْ حَضَرَهُ وَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ الْحَاضِرِ لَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَنَحْوُهُ وَلَمْ يُطَالِبْ بِالثَّمَنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ