عَلَيْهِ بِهِ.
وَأَمَّا مَا سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَوَانِعِ فَهُوَ الْقَابِلُ لِلْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفِ بِأَسْبَابِ الْمِلْكِ عَلَى اخْتِلَافِهَا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ كَالْبُرِّ وَالْأَنْعَامِ وَغَيْرِهِمَا فَهَذَا تَلْخِيصُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ وَهَا هُنَا قَاعِدَةٌ أُخْرَى تُلَاحَظُ فِي هَذَا الْفَرْقِ وَهِيَ إنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ كَانَ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِ الْعُقُودِ كَالتَّعْزِيرَاتِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ وَيَبْطُلُ إنْ وَقَعَ، فَلِذَلِكَ امْتَنَعَ بَيْعُ الْحُرِّ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَنِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَذَوَاتِ الْمَحْرَمِ فَإِنَّ مَقَاصِدَ هَذِهِ الْعُقُودِ لَا تَحْصُلُ بِهَا.
وَكَذَلِكَ الْإِجَارَةُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ وَتَعْزِيرُ مَنْ يَعْقِلُ الزَّجْرَ كَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّ الزَّجْرَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاوِضَيْنِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ فَإِذَا كَانَ عَدِيمَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مُحَرَّمًا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ فَيَبْطُلُ عَقْدُهُ وَالْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، فَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ أَيْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا مَنْفَعَةَ لَهُ كَالْخُشَاشِ وَمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ وَالْمُطْرِبَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَمَا لَهُ مَنْفَعَةٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ كَالْحُرِّ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ وَكَأُمِّ الْوَلَدِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِالْعِتْقِ وَكَالْوَقْفِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِهِ فَلَا يَقْبَلُ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمِلْكَ أَمَّا
الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ عَبَثٌ، وَأَمَّا
الثَّانِي فَلِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ مُتَنَاقِضٌ، وَأَمَّا
الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ مُبْطِلٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ وَبَقِيَ
النَّوْعُ الرَّابِعُ وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً وَلَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَيَقْبَلُ الْمِلْكَ لِأَجْلِ مَنْفَعَتِهِ إلَّا أَنَّهُ قِسْمَانِ قِسْمٌ يَمْتَنِعُ صَوْنًا لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ عَنْ الْفَسَادِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَإِجَارَةِ الْأَرْضِ إذَا قُلْنَا بِإِنَّهَا لَا تُؤَجَّرُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَدِيمًا مِنْ الْأُمُورِ الْمُنَافِيَةِ لِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَلِذَلِكَ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ يَمْنَحْهَا أَخَاهُ» فَإِنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ عَادِيٌّ وَقِسْمٌ سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَوَانِعِ فَهُوَ الْقَابِلُ لِلْمِلْكِ وَالتَّصَرُّفُ بِأَسْبَابِ الْمِلْكِ عَنْ اخْتِلَافِهَا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ مَعْرُوفَةٌ كَالْبُرِّ وَالْأَنْعَامِ وَغَيْرِهِمَا
(الْأَمْرُ الثَّانِي) قَاعِدَةُ إنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ كَانَ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِ الْعُقُودِ كَالتَّعْزِيرَاتِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ مَقْصُودُهُ لَا يُشْرَعُ وَيَبْطُلُ إنْ وَقَعَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ إنَّمَا هُوَ انْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَارِضَيْنِ بِمَا يَصِيرُ إلَيْهِ فَإِذَا كَانَ عَدِيمَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ مُحَرَّمَهَا أَوْ تَعَلَّقَ بِمَنْفَعَتِهِ حَقُّ الْغَيْرِ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ فَيَبْطُلُ عَقْدُهُ وَالْمُعَارَضَةُ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ كَمَا يَمْتَنِعُ نِكَاحُ ذَوَاتِ الْمَحْرَم؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَ عَقْدِهِ لَا تَحْصُلُ بِهَا وَيَمْتَنِعُ تَعْزِيرُ مَنْ لَا يَعْقِلُ الزَّجْرَ كَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّجْرَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(الْفَرْقُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَقَاعِدَةِ مَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ)
وَهُوَ أَنَّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِبَارَةً عَمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِهِ وَلُزُومِهِ مَعًا
(الْأَوَّلُ) الطَّهَارَةُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُسْتَصْبَحُ بِهَا فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا»
الشَّرْطُ (الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا حَالًا أَوْ مَآلًا لِيَصِحَّ مُقَابَلَةُ الثَّمَنِ لَهُ
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ حَذَرًا مِنْ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ وَنَحْوِهِمَا لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ
(الشَّرْطُ الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِلْعَاقِدَيْنِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ
(وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ وَالْمَبِيعُ مَمْلُوكَيْنِ لِلْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ أَوْ مَنْ أُقِيمَا مَقَامَهُ شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ وَاللُّزُومِ مَعًا دُونَ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ وَشِرَاءَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ فُضُولِيٌّ أَمْ لَا كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ إلَّا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَغَيْرُ لَازِمٍ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَا الْمَالِكِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِ وَبَقِيَ شَرْطٌ سَادِسٌ أَخَذَهُ عبق مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَوَقْفُ مَرْهُونٍ عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ اهـ. وَعَدَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ أَوْ مَنْ أُقِيمَا مَقَامَهُ حَقٌّ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا وَتَعَقَّبَهُ الشَّيْخُ مُصْطَفَى الرَّمَاصِيُّ كَمَا فِي الْبُنَانِيِّ بِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ فَقَطْ أَيْ دُونَ الصُّحْبَةِ، وَكَذَا دُونَ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَيْ خَلِيلًا لِذَلِكَ لَمْ يَجْرِ فِيهِ عَلَى أُسْلُوبِ مَا قَبْلَهُ فَلَمْ يُدْرِجْهُ فِي شُرُوطِ الصِّحَّةِ اهـ. يَعْنِي الْأَرْبَعَةَ الْأُوَلَ فَافْهَمْ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِبَارَةٌ عَمَّا فُقِدَ مِنْهُ أَحَدُ شُرُوطِ الْجَوَازِ الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ فَتَحَقُّقُ الشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ وَعَدَمُ تَحَقُّقِهَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاعِدَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَصْلٌ)
فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى)
فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ قَالَ حَفِيدِ بْنِ رُشْدٍ فِي بِدَايَتِهِ النَّجَاسَاتُ عَلَى ضَرْبَيْنِ الضَّرْبُ الْأَوَّلُ مَا لَا تَدْعُوا الضَّرُورَةُ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهَا وَهِيَ أَنْوَاعٌ
(الْأَوَّلُ) الْخَمْرُ وَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا نَجِسَةٌ إلَّا خِلَافًا شَاذًّا
(الثَّانِي) الْمَيْتَةُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا الَّتِي تَقْبَلُ الْحَيَاةَ
(الثَّالِثُ) الْخِنْزِيرُ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ الَّتِي تَقْبَلُ الْحَيَاةَ وَاخْتُلِفَ فِي