كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَحُجَّةُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ التَّرَفُّهُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَالْمُوجِبُ وَاحِدٌ.
وَمُوجَبُ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْفِدْيَةُ فَتَتَدَاخَلُ كَحُدُودِ شُرْبِ الْخَمْرِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَنْوَاعِ وَفِي الْجَلَّابِ إنْ احْتَاجَ إلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَهُ، ثُمَّ احْتَاجَ إلَى سَرَاوِيلَ فَلَبِسَهُ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِحُصُولِ السَّتْرِ مِنْ الْقَمِيصِ لِجَمِيعِ الْجَسَدِ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى سَرَاوِيلَ، ثُمَّ إلَى قَمِيصٍ فَفِدْيَتَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ بِالْقَمِيصِ مِنْ السَّتْرِ مَا لَمْ يَسْتَفِدْهُ مِنْ السَّرَاوِيلِ فَهَذَا تَحْقِيقُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا يَتَدَاخَلُ فِي الْحَجِّ وَمَا لَا يَتَدَاخَلُ
(الْفَرْقُ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ)
وَهِيَ عِشْرُونَ قَاعِدَةً
(الْقَاعِدَةُ الْأُولَى) تَفْضِيلُ الْمَعْلُومِ عَلَى غَيْرِهِ بِذَاتِهِ دُونَ سَبَبٍ يَعْرِضُ لَهُ يُوجِبُ التَّفْضِيلَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ مُثُلٌ: أَحَدُهَا الْوَاجِبُ لِذَاتِهِ الْمُسْتَغْنِي فِي وُجُودِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْمَعْنَوِيَّةِ السَّبْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَالَ: (الْفَرْقُ الثَّالِثَ عَشَرَ وَالْمِائَةُ بَيْنَ قَاعِدَةِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْمَعْلُومَاتِ وَهِيَ عِشْرُونَ قَاعِدَةً) .
قُلْت: الْفَضْلُ كَوْنُ مَعْلُومٍ مَا مُنْفَرِدًا بِصِفَةِ مَدْحٍ، أَوْ بِمَزِيَّةٍ فِي صِفَةِ مَدْحٍ، وَالتَّفْضِيلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ عَقْلِيٍّ وَوَضْعِيٍّ، وَمَعْنَى الْعَقْلِيِّ أَنَّ فَضْلَ الْمُتَّصِفِ بِالْفَضْلِ لِمَعْقُولِهِ لَا لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَعْنَى الْوَضْعِيِّ أَنَّ فَضْلَ الْمُتَّصِفِ بِهِ لَيْسَ لِمَعْقُولِهِ بَلْ لِمُوجِبٍ غَيْرِهِ أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ شِهَابُ الدِّينِ (الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: تَفْضِيلُ الْمَعْلُومِ عَلَى غَيْرِهِ بِذَاتِهِ دُونَ سَبَبٍ يَعْرِضُ لَهُ يُوجِبُ التَّفْضِيلَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَهُ مُثُلٌ؛ أَحَدُهَا الْوَاجِبُ لِذَاتِهِ الْمُسْتَغْنِي فِي وُجُودِهِ عَنْ غَيْرِهِ كَذَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصِفَاتِهِ الْمَعْنَوِيَّةِ السَّبْعَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا بَيْنَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ فَذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَحَدَهَا، ثُمَّ حَدَثَتْ نِيَّةٌ فَفَعَلَ أَيْضًا كَانَ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِدْيَةٌ إلَّا إنْ فَعَلَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ اهـ نَعَمْ قَدْ مَرَّ عَنْ الْحَطَّابِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ مِنْ حِينِ لُبْسِهِ الْأَوَّلِ قَالَهُ سَنَدٌ وَهُوَ يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ اهـ وَسَيَأْتِي لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّمَا احْتَرَزَ بِهِ عَنْ نِيَّةِ التَّكْرَارِ بَعْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ فَعُلِمَ مَا فِي تَنْظِيرِ الْبُنَانِيِّ عَلَى قَوْلِهِ مِثْلُهُ نِيَّةُ التَّكْرَارِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَتَأَمَّلْ بِإِنْصَافٍ وَلَا تَنْظُرْ لِمَنْ قَالَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ نِيَّةُ التَّكْرَارِ لِلْمُوجِبِ الْوَاحِدِ، أَوْ الْمُتَعَدِّدِ لِعُذْرٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ، أَوْ جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جُرْأَةً فَفِي عبق أَنَّ قَوْلَ تت أَمَّا لَوْ تَدَاوَى لِقُرْحَةٍ أُخْرَى لَتَعَدَّدَتْ اهـ. يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ مُدَاوَاةَ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْأُولَى اهـ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا لَبِسَ قَلَنْسُوَةً لِوَجَعٍ، ثُمَّ نَزَعَهَا وَعَادَ إلَيْهِ الْوَجَعُ فَلَبِسَهَا إنْ نَزَعَهَا مُعْرِضًا عَنْهَا فَعَلَيْهِ فِي اللُّبْسِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ فِدْيَتَانِ، وَإِنْ كَانَ نَزَعَهَا نَاوِيًا رَدَّهَا عِنْدَ مُرَاجَعَةِ الْمَرَضِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَجْلِ اتِّحَادِ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ وَلَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ نَاوِيًا لُبْسَهَا إلَى بُرْئِهِ مِنْ مَرَضِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ وَهُوَ يَنْوِي لُبْسَهَا مَرَّةً جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جُرْأَةً فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِاتِّحَادِ النِّيَّةِ اهـ نَقَلَهُ الْأَصْلُ وَعِنْدَ الْأَحْنَافِ عَدَمُ الْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ عِنْدَ النَّزْعِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ تُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ:
أَحَدُهَا أَنْ لَا يُكَفِّرَ عَنْ الْأَوَّلِ.
الثَّانِي اتِّحَادُ جِنْسِ الْمُوجِبِ.
الثَّالِثُ اتِّحَادُ السَّبَبِ قَالَ الْقَارِيّ عَلَى اللُّبَابِ مَعَ الْمَتْنِ وَلَوْ كَانَ بِهِ حُمَّى غِبٍّ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ بِأَنْ تَأْتِيَ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَجَعَلَ يَلْبَسُ الْمَخِيطَ يَوْمًا أَيْ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَيَنْزِعُهُ يَوْمًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ فَمَا دَامَتْ الْحُمَّى تَأْخُذُهُ فَاللُّبْسُ مُتَّحِدٌ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ وَحَدَثَتْ أُخْرَى اخْتَلَفَ حُكْمُ اللِّبَاسِ فَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّرَ لِلْأَوَّلِ، أَوْ لَا وَعِنْدَهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يُكَفِّرْ، وَإِنْ كَفَّرَ فَكَفَّارَةٌ أُخْرَى عَلَى مَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ، أَوْ حَصَرَهُ عَدُوٌّ أَيْ فِي حِصْنٍ وَنَحْوِهِ فَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْسِ لِلْقِتَالِ أَيَّامًا أَيْ مَثَلًا يَلْبَسُهَا إذَا خَرَجَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَدُوِّ، أَوْ بِعَكْسِهِ وَيَنْزِعُهَا إذَا رَجَعَ أَيْ هُوَ أَوْ عَدُوُّهُ، أَوْ لَمْ يَنْزِعْ أَصْلًا أَيْ وَلَوْ رَجَعَ الْعَدُوُّ، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ أَيْ لِلْعَدُوِّ وَلَكِنْ يَلْبَسُ فِي وَقْتٍ وَيَنْزِعُ فِي وَقْتٍ أَيْ وَالْعِلَّةُ قَائِمَةٌ بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ هَذَا الْعَدُوُّ فَإِنْ ذَهَبَ وَجَاءَ عَدُوٌّ غَيْرُهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى، أَوْ كَانَ بِهِ أَيْ وَقَعَ بِالْمُحْرِمِ ضَرُورَةٌ أُخْرَى أَيْ غَيْرُ ضَرُورَةِ الْإِحْصَارِ لِأَجْلِهَا يَلْبَسُ فِي النَّهَارِ أَيْ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَيَنْزِعُ فِي اللَّيْلِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، أَوْ فَعَلَ بِالْعَكْسِ أَيْ بِأَنْ لَبِسَ فِي اللَّيْلِ وَنَزَعَ فِي النَّهَارِ لِبَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الضَّرُورَاتِ، أَوْ لَمْ يَنْزِعْ وَلَوْ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَالْعِلَّةُ لَازِمَةٌ لِأَنَّ لُزُومَهَا يَقُومُ مَقَامَ دَوَامِهَا فَمَا دَامَ الْعُذْرُ أَيْ مَوْجُودًا حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَاللُّبْسُ مُتَّحِدٌ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ لِلتَّدَاخُلِ يَتَخَيَّرُ فِيهَا أَيْ لِارْتِكَابِهِ مَعْذُورًا فَإِنْ زَالَ الْعُذْرُ الَّذِي لِأَجْلِهِ لَبِسَ أَيْ بِالْكُلِّيَّةِ بِيَقِينٍ فَنَزَعَ، أَوْ لَمْ يَنْزِعْ وَحَدَثَ عُذْرٌ آخَرُ أَيْ فَلَبِسَ، أَوْ لَمْ يَحْدُثْ عُذْرٌ وَلَكِنْ دَامَ عَلَى اللُّبْسِ أَيْ بِلَا عُذْرٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى فَإِذَا كَانَ عَلَى شَكٍّ مِنْ زَوَالِ الْعُذْرِ فَاسْتَمَرَّ أَيْ عَلَى لُبْسِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ زَوَالَهُ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَاخْتِلَافِهَا لَا إلَى صُورَةِ اللُّبْسِ، لَكِنْ هُنَا دَقِيقَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَقَاءُ