لِأَنَّهُ لِلْإِفْسَادِ، وَإِفْسَادُ الْفَاسِدِ مُحَالٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا بِسُقُوطِ إجْزَائِهِ، أَوْ جَاهِلًا بِمُوجَبِ إتْمَامِهِ اتَّحَدَتْ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْجُرْأَةُ عَلَى مُحَرَّمٍ فَعُذْرُهُ بِالْجَهْلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي عَدَمَ عُذْرِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ جَهْلٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالتَّعَلُّمِ كَمَا قَالَ فِي الصَّلَاةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَاحَظَ هَهُنَا مَعْنًى مَفْقُودًا فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ كَثْرَةُ مَشَاقِّ الْحَجِّ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفُ، غَيْرَ أَنَّ هَهُنَا إشْكَالًا وَهُوَ أَنَّ النِّسْيَانَ فِي الْحَجِّ لَا يَمْنَعُ الْفِدْيَةَ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ إجْمَاعًا وَأَسْقَطَ مَالِكٌ بِالْجَهْلِ وَالتَّأْوِيلِ الْفَاسِدِ الَّذِي يَثْبُتُ الْإِثْمُ مَعَهُمَا، وَالْإِثْمُ أَنْسَبُ لِلُّزُومِ الْجَابِرِ مِنْ عَدَمِ الْإِثْمِ.

وَضَابِطُ قَاعِدَةِ مَا تَتَّحِدُ الْفِدْيَةُ فِيهِ وَمَا تَتَعَدَّدُ أَنَّهُ مَتَى اتَّحَدَتْ النِّيَّةُ، أَوْ الْمَرَضُ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، أَوْ الزَّمَانُ بِأَنْ يَكُونَ الْكُلُّ عَلَى الْفَوْرِ اتَّحَدَتْ الْفِدْيَةُ وَمَتَى وَقَعَ التَّعَدُّدُ فِي النِّيَّةِ، أَوْ السَّبَبِ، أَوْ الزَّمَانِ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالْفُرُوعِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا لَبِسَ قَلَنْسُوَةً لِوَجَعٍ، ثُمَّ نَزَعَهَا وَعَادَ إلَيْهِ الْوَجَعُ فَلَبِسَهَا إنْ نَزَعَهَا مُعْرِضًا عَنْهَا فَعَلَيْهِ فِي اللُّبْسِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ فِدْيَتَانِ، وَإِنْ كَانَ نَزَعَهَا نَاوِيًا رَدَّهَا عِنْدَ مُرَاجَعَةِ الْمَرَضِ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَجْلِ اتِّحَادِ النِّيَّةِ وَالسَّبَبِ، وَلَوْ لَبِسَ الثِّيَابَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ نَاوِيًا لُبْسَهَا إلَى بُرْئِهِ مِنْ مَرَضِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ وَهُوَ يَنْوِي لُبْسَهَا مَرَّةً جَهْلًا، أَوْ نِسْيَانًا، أَوْ جُرْأَةً فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِاتِّحَادِ النِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الطِّيبُ مَعَ اتِّحَادِ النِّيَّةِ وَتَعَدُّدِهَا فَإِنْ دَاوَى قُرْحَةً بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ فَفِدْيَتَانِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَالنِّيَّةِ، وَإِنْ احْتَاجَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ لِأَصْنَافٍ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ فَلَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَمِيصًا وَقَلَنْسُوَةً وَسَرَاوِيلَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى خُفَّيْنِ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ احْتَاجَ إلَى قَمِيصٍ فَلَبِسَهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ، وَإِنْ قَلَّمَ الْيَوْمَ ظُفُرَ يَدِهِ وَفِي غَدٍ ظُفُرَ يَدِهِ الْأُخْرَى فَفِدْيَتَانِ لِتَعَدُّدِ الزَّمَانِ، وَإِنْ لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَحَلَقَ وَقَلَّمَ ظُفُرَهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْمَحَالُّ تَعَدَّدَتْ الْفِدْيَةُ وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذِهِ أَجْنَاسٌ لَا تَتَدَاخَلُ

ـــــــــــــــــــــــــــــS. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ لَبِسَهُمَا عَلَى مَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ مَوْضِعِ الضَّرُورَةِ وَغَيْرِ الضَّرُورَةِ كَمَا إذَا اُضْطُرَّ إلَى لُبْسِ الْعِمَامَةِ فَلَبِسَهَا مَعَ الْقَمِيصِ مَثَلًا، أَوْ لَبِسَ قَمِيصًا لِلضَّرُورَةِ وَخُفَّيْنِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةُ الضَّرُورَةِ يَتَخَيَّرُ فِيهَا وَكَفَّارَةُ الِاخْتِيَارِ لَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا أَيْ بَلْ يَتَحَتَّمُ الْكَفَّارَةُ عَنْهَا وَهَذَا الْحُكْمُ فِي الْحَلْقِ بِأَنْ حَلَقَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ لِعُذْرٍ وَبَعْضَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ وَهَذَا فِي الطِّيبِ اهـ.

وَاعْتَمَدُوا أَنَّ الْيَوْمَ - أَيْ مِقْدَارَهُ - فِي اللِّبَاسِ كَالْمَجْلِسِ فِي غَيْرِهِ قَالَ الْقَارِيّ عَلَى اللُّبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَا يَتَّحِدُ فِيهِ الْجَزَاءُ مَعَ تَعَدُّدِ اللُّبْسِ وَجَمَعَ اللِّبَاسَ كُلَّهُ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ يَوْمٍ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْيَوْمَ فِي اتِّحَادِ الْجَزَاءِ فِي حُكْمِ اللُّبْسِ كَالْمَجْلِسِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الطِّيبِ وَالْحَلْقِ وَالْقَصِّ وَالْجِمَاعِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْفَارِسِيُّ وَالطَّرَابُلُسِيُّ أَنَّهُ إنْ لَبِسَ الثِّيَابَ كُلَّهَا مَعًا وَلَبِسَ خُفَّيْنِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ لَبِسَ قَمِيصًا بَعْضَ يَوْمِهِ، ثُمَّ لَبِسَ فِي يَوْمِهِ سَرَاوِيلَ، ثُمَّ لَبِسَ خُفَّيْنِ وَقَلَنْسُوَةً فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَيَّدَ بِالْيَوْمِ لَا بِالْمَجْلِسِ، وَفِي الْكَرْمَانِيِّ وَلَوْ جَمَعَ اللِّبَاسَ كُلَّهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ لِوُقُوعِهِ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَبَبٍ وَاحِدٍ فَصَارَ لِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ إذَا حَلَقَ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ وَقِيلَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ دِمَاءٍ وَقَدْ صَرَّحَ فِي مُنْيَةِ الْمَنَاسِكِ بِتَعَدُّدِ الْجَزَاءِ فِي تَعَدُّدِ الْأَيَّامِ حَيْثُ قَالَ: وَإِنْ لَبِسَ الْعِمَامَةَ يَوْمًا، ثُمَّ لَبِسَ الْقَمِيصَ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ الْخُفَّيْنِ يَوْمًا آخَرَ، ثُمَّ السَّرَاوِيلَ يَوْمًا آخَرَ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ لُبْسٍ دَمٌ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ مِقْدَارُ الْيَوْمِ لَا عَيْنُهُ وَبِهَذَا صَحَّ قَوْلُهُ وَحُكْمُ اللَّيْلِ كَالْيَوْمِ أَيْ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ اهـ.

(الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ) عِنْدَنَا أَنْ يَنْوِيَ التَّكْرَارَ، وَلَوْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِشَرْطِ أَنْ يَفْعَلَ الثَّانِيَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ لِلْأَوَّلِ قَالَ عبق وَصُوَرُ نِيَّةِ التَّكْرَارِ ثَلَاثٌ:

الْأَوَّلُ أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ.

الثَّانِيَةُ أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ مُوجِبٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ وَيَفْعَلَ ذَلِكَ أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْهُ قَالَ الْحَطَّابُ بِأَنْ يَلْبَسَ لِعُذْرٍ وَيَنْوِيَ أَنَّهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ تَجَرَّدَ فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ الْعُذْرُ عَادَ إلَى اللُّبْسِ، أَوْ يَتَدَاوَى بِدَوَاءٍ فِيهِ طِيبٌ وَيَنْوِيَ أَنَّهُ كُلَّمَا احْتَاجَ إلَى الدَّوَاءِ فَعَلَ، وَمَحَلُّ النِّيَّةِ مِنْ حِينِ لُبْسِهِ الْأَوَّلِ قَالَهُ سَنَدٌ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا، ثُمَّ نَزَعَهُ لِيَلْبَسَ غَيْرَهُ، أَوْ نَزَعَهُ عِنْدَ النَّوْمِ لِيَلْبَسَهُ إذَا اسْتَيْقَظَ فَقَالَ هَذَا فِعْلٌ وَاحِدٌ مُتَّصِلٌ فِي الْعُرْفِ وَلَا يَضُرُّ تَفْرِقَتُهُ فِي الْحِسِّ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ فِي ذَلِكَ فِدْيَةً وَاحِدَةً اهـ.

الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَنْوِيَ مُتَعَدِّدًا مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ مُعَيَّنًا فَلَا تَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِفِعْلِ مَا نَوَاهُ، أَوْ بِفِعْلِ بَعْضِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ نِيَّتُهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ عِنْدَ فِعْلِ مُوجِبٍ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهِ، أَوْ قَبْلَهُمَا وَقَوْلُ تت عَقِبَ قَوْلِ خَلِيلٍ التَّكْرَارُ عِنْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ اهـ مِثْلُهُ نِيَّةُ التَّكْرَارِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ كَمَا يُفِيدُهُ الْحَطَّابُ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا فَإِنَّمَا احْتَرَزَا بِهِ عَنْ نِيَّةِ التَّكْرَارِ بَعْدَ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ اهـ كَلَامُ عبق بِتَصَرُّفٍ وَزِيَادَةٍ.

وَمُرَادُهُ قَوْلُ الْحَطَّابِ فَرْعٌ مِمَّا تَتَّحِدُ فِيهِ الْفِدْيَةُ: إذَا كَانَتْ نِيَّةُ فِعْلِ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَقَلَهُ خَلِيلٌ فِي الْمَنَاسِكِ اهـ، وَفِي الْمَوَّاقِ وَاللَّخْمِيِّ إنْ لَبِسَ وَتَطَيَّبَ وَحَلَقَ وَقَلَّمَ فَإِنْ كَانَتْ بِنِيَّةِ فِعْلِ جَمِيعِهَا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ بَعُدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015