وَلَا وَجْهَ لِمَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا فَعَلَ الْجَمِيعَ أُثِيبَ ثَوَابَ الْوَاجِبِ عَلَى أَكْثَرِهَا ثَوَابًا وَإِذَا تَرَكَ الْجَمِيعَ عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ أَدْوَنِهَا عِقَابًا فَإِنَّ أَكْثَرَهَا ثَوَابًا لَوْ أُثِيبَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ لَكَانَ هُوَ الْوَاجِبَ وَلَتَعَيَّنَ الْوَاجِبُ وَلَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ أَحَدَهَا لَا بِعَيْنِهِ فَكَانَ يُبْطِلُ مَعْنَى التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرُ ثُبُوتُهُ.
وَأَمَّا أَدْوَنُهَا عِقَابًا فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِنَا إنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَلَكِنْ تَشْخِيصُهُ فِي خَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَهُ فَيُقَالُ هَذَا أَقَلُّهَا عِقَابًا لَهُ وَهِيَ مُتَعَلِّقُ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ يَقْتَضِي أَنَّهَا هِيَ بِعَيْنِهَا مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ فَيَبْطُلُ مَعْنَى التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرُ ثُبُوتُهُ هَذَا خَلْفٌ بَلْ التَّصْرِيحُ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَلَا وَجْهَ لِمَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا فَعَلَ الْجَمِيعَ أُثِيبَ ثَوَابَ الْوَاجِبِ عَلَى أَكْثَرِهَا ثَوَابًا وَإِذَا تَرَكَ الْجَمِيعَ عُوقِبَ عَلَى تَرْكِ أَدْوَنِهَا عِقَابًا)
قُلْتُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بَلْ لِقَوْلِ قَائِلِ ذَلِكَ وَجْهٌ ثَبَتَ تَقْدِيرُهُ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ سَعَةِ بَابِ الثَّوَابِ بِدَلِيلِ تَضْعِيفِ الْحَسَنَاتِ وَضِيقِ الْعِقَابِ بِدَلِيلِ عَدَمِ تَضْعِيفِ السَّيِّئَاتِ فَالثَّوَابُ عَنْ الْأَكْثَرِ ثَوَابًا وَالْعِقَابُ عَلَى الْأَدْوَنِ عِقَابًا مُنَاسِبٌ لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ.
قَالَ (فَإِنَّ أَكْثَرَهَا ثَوَابًا لَوْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ لَكَانَ هُوَ الْوَاجِبَ وَلَتَعَيَّنَ الْوَاجِبُ وَلَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ أَحَدَهَا لَا بِعَيْنِهِ فَكَانَ يُبْطِلُ مَعْنَى التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرُ ثُبُوتُهُ) قُلْتُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَتَعَيَّنَ الْوَاجِبُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ فَذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَكَيْفَ يَتَعَيَّنُ بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ وَقَدْ فُرِضَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ هَذَا مَا لَا يَصِحُّ بِوَجْهٍ وَإِنْ أَرَادَ وَلَتَعَيَّنَ الْوَاجِبُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ فَذَلِكَ مُسَلَّمٌ وَلَا بُدَّ مِنْهُ فَإِنَّ الْوُجُودَ يَسْتَلْزِمُ التَّعْيِينَ بِخِلَافِ الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْوُجُوبَ أَمْرٌ إضَافِيٌّ وَالْوُجُودُ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ وَالثَّوَابُ وَالْعِقَابُ أَمْرَانِ حَقِيقَانِ لَا يَتَرَتَّبَانِ إلَّا عَلَى الْأَمْرِ الْحَقِيقِيِّ فَهُمَا يَسْتَلْزِمَانِ مَا يَتَرَتَّبَانِ عَلَيْهِ وَتَعْيِينَهُ وَإِنَّمَا أَوْقَعَ شِهَابُ الدِّينِ فِي هَذَا الْإِشْكَالِ ذَهَابُ وَهْمِهِ إلَى أَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْوُجُودِ يَسْتَلْزِمُ التَّعْيِينَ فِي الْوُجُوبِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنْته آنِفًا.
قَالَ (وَأَمَّا أَدْوَنُهَا عِقَابًا فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِنَا إنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ إنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى أَدْوَنِهَا عِقَابًا قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ إنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا أَقَلَّ مِنْ الْمُشْتَرَكِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي هُوَ الْكُلِّيُّ لَا يَلْحَقُهُ وَصْفُ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَلَا مَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ الْأَوْصَافِ.
قَالَ (وَلَكِنْ تَشْخِيصُهُ فِي خَصْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَهُ فَيُقَالُ هَذِهِ أَقَلُّهَا عِقَابًا وَهِيَ مُتَعَلِّقُ الْعِقَابِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّرْكِ يَقْتَضِي أَنَّهَا هِيَ بِعَيْنِهَا مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ فَيَبْطُلُ مَعْنَى التَّخْيِيرِ وَالتَّقْدِيرُ ثُبُوتُهُ هَذَا خُلْفٌ) قُلْتُ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ تَشْخِيصَهُ خَصْلَةً يُقَالُ إنَّهَا أَقَلُّهَا عِقَابًا يَقْتَضِي أَنَّهَا بِعَيْنِهَا مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ لَا يَقْتَضِي تَشْخِيصَهَا ذَلِكَ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ.
قَالَ (بَلْ التَّصْرِيحُ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فِي ذَلِكَ هُوَ الصَّوَابُ) قُلْتُ لَيْسَ مَا صَوَّبَهُ بِصَوَابٍ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQزَيْدٌ أَيْ لَا عَمْرٌو كَمَا تَعْتَقِدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَقَدْ نَظَمْتُ هَذَا الْحَاصِلَ مُذَيِّلًا لِبَيْتَيْ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْأُجْهُورِيِّ بِقَوْلِي:
مُبْتَدَأٌ فَاللَّامُ جِنْسٍ عُرِّفَا ... مُنْحَصِرٌ فِي مُخْبَرٍ بِهِ وَفَا
وَإِنْ خَلَا عَنْهَا وَعُرِّفَ الْخَبَرْ ... بِاللَّامِ مُطْلَقًا فَبِالْعَكْسِ اسْتَقَرْ
كَذَا إذَا مَا عُرِّفَ الْجُزْءَانِ ... بِاللَّامِ عِنْدَ السَّعْدِ ذِي الْإِتْقَانِ
وَالسَّيِّدِ بِأَنَّ ذَا يَحْتَمِلُ ... أَيْضًا لِحَصْرِ الْمُبْتَدَأِ بَلْ أَكْمَلُ
وَالثَّالِثُ الْأَعَمُّ مِنْهُمَا بِنَصِّ ... حِينَئِذٍ يُحْصَرُ دَوْمًا مَا فِي الْأَخَصِّ
وَإِنْ أَتَى عُمُومُهُ وَجْهِيًّا ... حِيلَ عَلَى قَرَائِنَ مَلِيًّا
وَحَيْثُ لَا قَرَائِنَ فَالْأَظْهَرُ ... مُبْتَدَأٌ فِي خَبَرٍ يَنْحَصِرُ
وَكُلُّ أَقْسَامِ الْحَصْرِ قَدْ أَتَتْ ... فِيمَا فَاللَّامُ الْجِنْسِ حَصْرُهُ ثَبَتْ
وَقَدْ أَتَى مُعَرَّفٌ بِاللَّامِ ... لِغَيْرِ حَصْرٍ فَافْهَمْ كَلَامِي
وَمَا فَاللَّامُ الْعَهْدِ خَارِجًا فَلَا ... حَصْرَ لِإِفْرَادٍ بِهِ تَحَصَّلَا
وَقَدْ مَرَّ عَنْ السَّعْدِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عَضُدِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْحَقَّ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ كَمَا فِي قَوْلِنَا الْفُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةُ أَئِمَّةً فُضَلَاءَ وَمَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ عِنْدَ قَصْدِ الْإِخْبَارِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَثْبُتُ فِيهَا مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ وَنَفْيُهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِمَعُونَةِ الْقَرَائِنِ كَمَا فِي قَوْلِنَا فِي الشَّامِ الْغَنَمُ السَّائِمَةُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ. اهـ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الشِّرْبِينِيُّ فِي تَقْرِيرَاتِهِ عَلَى حَوَاشِي مَحَلِّي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ كَوْنِ مَدْلُولِ الْخَبَرِ الْإِيقَاعُ وَالِانْتِزَاعُ أَوْ الْوُقُوعُ وَاللَّا وُقُوعُ لَفْظِيٌّ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَكِيمِ فِي حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ مِنْ أَنَّ الْقَائِلَ بِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْإِيقَاعُ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُهُ بِالْوُقُوعِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْوُقُوعُ أَرَادَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْإِيقَاعِ وَلَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ لَهُ الصُّورَةُ الذِّهْنِيَّةُ أَوْ الْخَارِجِيَّةُ بَلْ وَلَوْ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلصُّورَةِ الذِّهْنِيَّةِ أَعْنِي الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ قُلْنَا أَنْ نَقُولَ هُوَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْإِفَادَةِ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ الَّذِي هُوَ النِّسْبَةُ بِمَعْنَى الْوُقُوعِ أَوْ اللَّا وُقُوعِ إذْ هُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ الْمُتَكَلِّمُ وَلِهَذَا جَزَمَ السَّعْدُ فِي حَاشِيَةِ الْعَضُدِ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَوْضُوعُ لَهُ هَذَا وَغَيْرُ خَافٍ عَلَيْكَ أَنَّ طَرِيقَ حُجَّةِ الْمَفْهُومِ سَوَاءٌ فِي الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ هُوَ أَنَّهُ الْمَفْهُومُ لُغَةً اهـ.
وَمَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ الْفَخْرِ جَارٍ عَلَى هَذَا الَّذِي قَالَهُ عُلَمَاءُ الْمَعَانِي فَكَيْفَ يَكُونُ دَعْوَى لَا حُجَّةَ لَهَا وَإِنَّمَا