أَن الحجا هُوَ ثبات الْعقل من قَوْلهم تحجى بِالْمَكَانِ إِذا أَقَامَ بِهِ
أَن الذِّهْن هُوَ نقيض سوء الْفَهم وَهُوَ عبارَة عَن وجود الْحِفْظ لما يتعلمه الْإِنْسَان وَلَا يُوصف الله بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوصف بالتعلم
أَن الفطنة هِيَ التنبه على الْمَعْنى وضدها الْغَفْلَة وَرجل مُغفل لَا فطنة لَهُ وَهِي الفطنة والفطانة والطبانة مثلهَا وَرجل طبن فطن وَيجوز أَن يُقَال إِن الفطنة ابْتِدَاء الْمعرفَة من وَجه غامض فَكل فطنة علم وَلَيْسَ كل علم فطنه وَلما كَانَت الفطنة علما بالشَّيْء من وَجه غامض لم يجز لم يجز أَن يُقَال الْإِنْسَان فطن بِوُجُود نَفسه وَبِأَن السَّمَاء فَوْقه
أَن الذكاء تَمام الفطنة من قَوْلك ذكت النَّار إِذا تمّ اشتعالها وَسميت الشَّمْس ذكاء لتَمام نورها والتذكية تَمام الذّبْح فَفِي الذكاء معنى زَائِد على الفطنة
الْفرق بَين الفطنة والحذق والكيس
أَن الْكيس هُوَ سرعَة الْحَرَكَة فِي الْأُمُور وَالْأَخْذ فِي مَا يَعْنِي مِنْهَا دون مَا لَا يَعْنِي يُقَال غُلَام كيس إِذا كَانَ يسْرع الْأَخْذ فِي مَا يُؤمر بِهِ وَيتْرك الفضول وَلَيْسَ هُوَ من قبيل الْعُلُوم والحذق أَصله حِدة الْقطع يُقَال حذقه إِذا قطعه وَقَوْلهمْ حذق الصَّبِي الْقُرْآن مَعْنَاهُ أَنه بلغ آخِره وَقطع تعلمه وتناهى فِي حفظه وكل حاذق بصناعة فَهُوَ الَّذِي تناهى فِيهَا وَقطع تعلمهَا فَلَمَّا كَانَ الله تَعَالَى لَا تُوصَف معلوماته بالانقطاع لم يجز أَن يُوصف بالحذق
وَمِمَّا يجْرِي مَعَ هَذَا
الْفرق بَين الألمعي واللوذعي
أَن اللوذعي هُوَ الْخَفِيف الظريق مَأْخُوذ من لذع النَّار وَهُوَ سرعَة أَخذهَا فِي الشَّيْء والألمعي هُوَ الفطن الذكي الَّذِي يتَبَيَّن عواقب الْأُمُور بِأَدْنَى لمحة تلوح لَهُ