أَن الإعلان خلاف الكتمان وَهُوَ إِظْهَار الْمَعْنى للنَّفس وَلَا يَقْتَضِي رفع الصَّوْت بِهِ والجهر يَقْتَضِي رفع الصَّوْت بِهِ وَمِنْه يال رجل جهير وجهوري إِذا كَانَ رفيع الصَّوْت
أَن الظُّهُور يكون بِقصد وَبِغير قصد تَقول استتر فلَان ثمَّ ظهر وَيدل هَذَا على قصد للظهور وَيُقَال ظهر أَمر فلَان , إِن لم يقْصد لذَلِك فَأَما قَوْله تَعَالَى (ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر) فَمَعْنَى ذَلِك الْحُدُوث وَكَذَلِكَ قَوْلك ظَهرت فِي وَجه حمرَة أَي حدثت وَلم يعن أَنَّهَا كَانَت فِيهِ فظهرت والبدو مَا يكون فِي وَجهه حمرَة أَي حدثت وَلم يعن أَنَّهَا كَانَت فِيهِ فظهرت والبدو مَا يكون بِغَيْر قصد تَقول بدا لابرق وبدا الصُّبْح وبدت الشَّمْس وبدا لي فِي الشَّيْء لِأَنَّك لم تقصد للبدو وَقيل فِي هَذَا بَدو وَفِي الأول بَدْء وَبَين الْمَعْنيين فرق وَالْأَصْل وَاحِد
وَمَا يقرب من ذَلِك أَن الكتمان هُوَ السُّكُوت عَن الْمَعْنى وَقَوله تَعَالَى (إِن الَّذين يكتمون مَا أنزلنَا من الْبَينَات) أَي يسكتون عَن ذكره والإخفاء يكون فِي ذَلِك وَفِي غَيره وَالشَّاهِد أَنَّك تَقول أخفيت الدِّرْهَم فِي الثَّوْب وَلَا تَقول كتمت ذَلِك وَتقول كتمت المنى وأخفيته فالاخفاء أَعم من الكتمان
أَن معنى
وكننه صنته والموضع الكنين وَهُوَ المصون وَذَلِكَ يكون كنينا وَإِن لم يكن مَسْتُورا وَقيل الدّرّ الْمكنون لِأَنَّهُ فِي حق يصان فِيهِ وَجَارِيَة مكنونة فِي الْحجاب أَي مصونة قَالَ الْأَعْشَى من السَّرِيع
(وبيضة فِي الدعص مكنونة ... )
والبيضة لَيست بمستورة وَإِنَّمَا هِيَ مصونة عَن الترجرج والانكاسر واكتننت الشَّيْء فِي نَفسِي إِذا صنته عَن الْأَدَاء وَدخلت فِيهِ الْألف وَاللَّام على معنى جعلت لَهُ كَذَا وَفِي الْقُرْآن (مَا تكن صُدُورهمْ)