(كَذَلِك كدنا ليوسف) أَي أردنَا وَدلّ على ذَلِك بقوله (إِلَّا أَن يَشَاء الله) وَإِن شَاءَ الله بِمَعْنى الْمَشِيئَة وَيجوز أَن يُقَال الكيد الْحِيلَة الَّتِي تقرب وُقُوع الْمَقْصُود بِهِ من الْمَكْرُوه وَهُوَ من قَوْلهم كَاد يفعل كَذَا أَي قرب إِلَّا أَنه قيل هَذَا يكَاد وَفِي الأولى يكيد للتَّصَرُّف فِي الْكَلَام والتفرقة بَين الْمَعْنيين وَيجوز أَن يُقَال إِن الْفرق بَين الخدع والكيد أَن الكيد والتفرقة بَين الْمَعْنيين وَيجوز أَن يُقَال إِن الْفرق بَين الخدع والكيد أَن الكيد اسْم لفعل الْمَكْرُوه بِالْغَيْر قهرا تَقول كايدني فلَان أَي ضرني قهرا والخديعة أسم لفعل الْمَكْرُوه بِالْغَيْر من غير قهر بل بِأَن يُرِيد بانه يَنْفَعهُ وَمِنْه الخديعة فِي الْمُعَامَلَة وسمى الله تعال قصد أَصْحَاب الْفِيل مَكَّة كيدا فِي قَوْله تَعَالَى (ألم يَجْعَل كيدهم فِي تضليل) وَذَلِكَ أَنه كَانَ على وَجه الْقَهْر
أَن الْغرُور إِيهَام يحمل الْإِنْسَان على فعل مَا يضرّهُ مثل أَن يرى السراب فيحسبه مَاء فيضيع مَاء فَيهْلك عطشا وتضييع المَاء فعل أَدَاء اليه غرور السراب إِيَّاه وَكَذَلِكَ غر إِبْلِيس آدم فَفعل آدم الْأكل الضار اله والخدع أَن يستر عَنهُ وَجه الصَّوَاب فيوقعه فِي مَكْرُوه وَأَصله من قَوْلهم خدع الضَّب إِذا توارى فِي جُحْره وخدعه فِي الشِّرَاء أَو البيع غذا أظهر لَهُ خلاف مَا أبطن فضره فِي مَاله وَقَالَ عَليّ بن عيس الْغرُور إِيهَام حَال السرُور فِي مَا الْأَمر فِي الْمَعْلُوم وَلَيْسَ كل
إِيهَام غرُورًا لِأَنَّهُ يُوهِمهُ مخوفا ليحذر مِنْهُ فَلَا يكون قد غره والاغترار ترك الحزم فِي مَا يُمكن أَن يتوثق فِيهِ فَلَا عذر فِي ركُوبه وَيُقَال فِي الْغرُور فرة فضيع مَاله وَأهْلك نَفسه والغرو قد يُسمى خدعا والخدع يُسمى غرُورًا على التَّوَسُّع وَالْأَصْل مَا قُلْنَاهُ وأصل الْغرُور الْغَفْلَة والغر وَالَّذِي لم يجرب الْأُمُور يرجع إِلَى هَذَا فَكَأَن الْغرُور يُوقع الْمَغْرُور فِي مَا هُوَ غافل عَنهُ من الضَّرَر والخدع مرجع يستر عَنهُ وَجه الْأَمر
أَن الْمَكْر مثل الكيد فِي أَنه لَا يكون إِلَّا مَعَ تدبر وفكر إِلَّا أَن الكيد أقوى من الْمَكْر وَالشَّاهِد أَنه يتَعَدَّى بِنَفسِهِ وَالْمَكْر يتَعَدَّى بِحرف فَيُقَال كاده يكيهده ومكر بِهِ وَلَا يُقَال مكره وَالَّذِي يتَعَدَّى