الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ
فِي الْفرق بَين الْحِيلَة وَالتَّدْبِير وَالسحر والشعبذة وَالْمَكْر والكيد وَمَا يقرب من ذَلِك وَبَين الْعجب والإمر وَمَا بسبيله
الْفرق بَين الْحِيلَة وَالتَّدْبِير
أَن الْحِيلَة مَا أُحِيل بِهِ عَن وَجه فيجلب بِهِ نفع أَو يدْفع بِهِ ضرّ فَالْحِيلَةُ بِقدر النَّفْع والضر من غير وَجه وَهِي فِي قَول الْفُقَهَاء على ضَرْبَيْنِ مَحْظُور ومباح فالمباح أَن تَقول لمن يحلف على وَطْء جَارِيَته فِي حَال شِرَائِهِ لَهَا قبل ان يَشْتَرِيهَا اتعقها وَتَزَوجهَا ثمَّ طَأْهَا وَأَن تَقول لمن يحلف على وَطْء امْرَأَته فِي شهر رَمَضَان اخْرُج فِي سفر وَطأهَا والمحظور أَن تَقول لمن ترك صلوت اريد ثمَّ أسلم يسْقط عَنْك قَضَاؤُهَا وَإِنَّمَا سمي ذَلِك حيله لِأَنَّهُ شَيْء أُحِيل من جِهَة إِلَى جِهَة أُخْرَى وَيُسمى تدبيرا أَيْضا وَمن التَّدْبِير مَا لَا يكون حِيلَة وَهُوَ تَدْبِير الرجل لاصلاح مَاله وَإِصْلَاح أَمر وَلَده وَأَصْحَابه وَقد ذكرنَا اشتقاق التَّدْبِير قبل
أَن السحر هُوَ التموية ويتخيل الشَّيْء بِخِلَاف حَقِيقَته مَعَ إِرَادَة تجوزه على من يَقْصِدهُ بِهِ وَسَوَاء كَانَ ذَلِك فِي سرعَة أَو بطء وَفِي القرأن (يخيل إِلَيْهِ من سحرهم أَنَّهَا تسْعَى) والشعبذة مَا يكون من ذَلِك فِي سرعَة فَكل شعبذة سحر وَلَيْسَ كل سحر شعبذة
أَن التموية هُوَ تَغْطِيَة الصَّوَاب
وتصوير الْخَطَإِ صورته وَأَصله طلاء الْحَدِيد والصفر بِالذَّهَب وَالْفِضَّة ليوهم أَنه ذهب وَفِضة وَيكون التموية فِي الْكَلَام وَغَيره تَقول كَلَام مموه إِذا لم تبين حقائقه وحلي إِذا لم يعين جنسه وَالسحر أسم لما دق من الْحِيلَة حَتَّى لَا تفطن الطَّرِيقَة وَقَالَ بَعضهم التموية اسْم لكل حِيلَة لَا تَأْثِير لَهَا قَالَ لاو يُقَال تموية إلاى وَقد عرف مَعْنَاهُ والمقصد مِنْهُ وَيُقَال