الْبَاب التَّاسِع عشر
فِي الْفرق بَين الثَّوَاب والعوض وَبَين الْعِوَض وَالْبدل وَبَين الْقيمَة وَالثمن وَالْفرق بَين مَا يُخَالف الثَّوَاب من الْعقَاب وَالْعَذَاب والألم والوجع وَمَا يجْرِي مَعَ ذَلِك
الْفرق بَين الثَّوَاب والعوض
أَن الْعِوَض يكون على فعل الْعِوَض وَالثَّوَاب لَا يكون على فعل المثيب وَأَصله المرجوع وَهُوَ مَا يرجع إِلَيْهِ الْعَامِل وَالثَّوَاب من الله تَعَالَى نعيم يَقع على وَجه الإجلال وَلَيْسَ كَذَلِك الْعِوَض لِأَنَّهُ يسْتَحق بالالم فَقَط وَهُوَ مثامنة من غير تعظيمت فالثواب يَقع على جِهَة الْمُكَافَأَة على الْحُقُوق والعوض يَقع على جِهَة المثامنة فِي الْبيُوع
أَن الْأجر يكون قيل الْفِعْل الْمَأْجُور عَلَيْهِ وَالشَّاهِد أَنَّك تَقول مَا أعمل حَتَّى أَخذ أجري وَلَا تَقول لَا أعمل حَتَّى أَخذ ثوابي لِأَن الثَّوَاب لَا يكون إِلَّا بعد الْعَمَل على مَا ذكرنَا هَذَا على أَن الْأجر لَا يسْتَحق لَهُ إِلَّا بعد الْعَمَل كالثواب إِلَّا أَن الِاسْتِعْمَال يجْرِي بِمَا ذَكرْنَاهُ وَأَيْضًا فان الثَّوَاب قد شهر فِي الْجَزَاء على الْحَسَنَات وَالْأَجْر يُقَال فِي هَذَا الْمَعْنى وَيُقَال على معنى الْأجر الَّتِي هِيَ من طَرِيق المثامنة بِأَدْنَى الْأَثْمَان وفيهَا معنى الْمُعَاوضَة بِالِانْتِفَاعِ
أَن الْعِوَض مَا تعقب بِهِ الشَّيْء على جِهَة المثامنة وَتقول هَذَا الدِّرْهَم عوض من خاتمك وَهَذَا الدِّينَار عوض من ثَوْبك وَلِهَذَا يُسمى مَا يُعْطي الله الْأَطْفَال على إيلامه إيَّاهُم إعواضا وَالْبدل مَا يُقَام مقَامه ويوقع موقعه على جِهَة التَّعَاقُب دون المثامنة أَلا ترى أَنَّك تَقول لمن أَسَاءَ من أحسن إِلَيْهِ أَنه بدل نعْمَته كفرا لِأَنَّهُ أَقَامَ الْكفْر
مقَام الشُّكْر فَلَا تَقول عوضه كفرا لِأَن معنى المثامنة لَا يَصح فِي ذَلِك وَيجوز أَن يُقَال الْعِوَض هُوَ الْبَدَل الَّذِي ينْتَفع بِهِ وَإِذا لم يَجْعَل على الْوَجْه الَّذِي ينْتَفع بِهِ لم يسم عوضا وَالْبدل هُوَ الشَّيْء الْمَوْضُوع مَكَان غَيره