لما تقَارب معنياهما تداخلا واستعملا فِي صِفَات الله جلّ اسْمه على وَجه وَاحِد فَيُقَال عَفا الله عَنهُ وَغفر لَهُ بِمَعْنى وَاحِد وَمَا تعدى بِهِ اللفظان يدل على مَا قُلْنَا وَذَلِكَ أَنَّك تَقول عَفا عَنهُ فَيَقْتَضِي ذَلِك إِزَالَة شَيْء عَنهُ وَتقول غفر لَهُ فَيَقْتَضِي ذَلِك اثبات شَيْء لَهُ
أَن الغفران أخص وَهُوَ يَقْتَضِي إِيجَاب الثَّوَاب والستر سترك الشَّيْء بستر ثمَّ اسْتعْمل فِي الاضراب عَن ذكر الشَّيْء فَيُقَال ستر فلَان إِذا لم يذكر مَا اطلع عَلَيْهِ من عثراته وَستر الله عيه خلاف فضحه وَلَا يُقَال لمن يستر عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا إِنَّه غفر لَهُ لِأَن الغفران ينبىء عَن اسْتِحْقَاق الثَّوَاب على مَا ذكرنَا وَيجوز أَن يستر فِي الدُّنْيَا على الكفافر وَالْفَاسِق
أَن الغفران مَا ذَكرْنَاهُ والصفح التجاوز عَن الذَّنب من قَوْلك صفحت الورقة إِذا تجازتها وَقيل
هُوَ ترك مُؤَاخذَة المذنب وَأَن تبدي لَهُ صفحة جميلَة وَلِهَذَا يسْتَعْمل فِي الله تَعَالَى
أَن الإحباط هُوَ إبِْطَال عمل الْبر من الْحَسَنَات بالسيئات وَقد حَبط هُوَ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا) وَهُوَ من قَوْلك حَبط بطبنه إِذا فسد بالمأكل الردي والتكفير إبِْطَال السَّيِّئَات بِالْحَسَنَاتِ وَقَالَ تَعَالَى (كفر عَنْهُم سيئاتهم)
أَن أصل الْإِبْطَال الإهلاك وَمِنْه سمي الشجاع بطلا لإهلاكه قرنه وأصل الإدحاض الإذلال فقولك أبْطلهُ يُفِيد أَنه أهلكه وقولك أدخصه يُفِيد أَنه أزالة وَمِنْه مَكَان دحض إِذا تثبت عَلَيْهِ الْأَقْدَام وَقد دحض إِذا زل وَمِنْه قَوْله تَعَالَى (حجتهم داحضة عِنْد رَبهم)