أَن قَوْلنَا الله اسْم واللهم نِدَاء وَالْمرَاد بِهِ يَا الله فَحذف حرف النداء وَعوض الْمِيم فِي آخِره
أَن السَّيِّد مَالك من يجب عَلَيْهِ طَاعَته نَحْو سيد الْأمة والغلام وَلَا يجوز سيد الثَّوْب كَمَا يجوز رب لاثوب وَيجوز رب بِمَعْنى سيد فِي الْإِضَافَة وَفِي الْقُرْآن (فيسقي ربه خمرًا) وَلَيْسَ ذَلِك فِي كل مَوضِع أَلا ترى أَن العَبْد يَقُول لسَيِّده يَا سَيِّدي وَلَا يجوز أَن يَقُول يَا رَبِّي فَأَما قَول عدي بن زيد من الْخيف
(إِن رَبِّي لَوْلَا تَدَارُكه الْملك بَاهل الْعرَاق سَاءَ العذير ... )
يَعْنِي النُّعْمَان بن الْمُنْذر والعذير الْحَال فَإِن ذَلِك كَانَ مُسْتَعْملا ثمَّ ترك اسْتِعْمَاله كَمَا ترك أَبيت اللَّعْن وَعم صباحا وَمَا أشبه ذَلِك
أَن الصّفة بِرَبّ أفخم من الصّفة بِمَالك لِأَنَّهَا من تَحْقِيق الْقُدْرَة على تَدْبِير مَا ملك فقولنا رب يتَضَمَّن معنى الْملك وَالتَّدْبِير فَلَا يكون إِلَّا مُطَاعًا أَيْضا وَالشَّاهِد قَوْله الله تَعَالَى (اتَّخذُوا أَحْبَارهم وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا من دون الله) أَي سادة يطيعونهم وَالصّفة بِمَالك تَقْتَضِي الْقُوَّة على تصريف مَا ملك وَهُوَ من قَوْلك ملكت الْعَجِين غذا أَجدت عجنه فقوي وَمِنْه قَول الشَّاعِر من الطَّوِيل
(ملكت بهَا كفي فأنهزت فتقها ... يرى قَائِم من دونهَا مَا وَرَاءَهَا)
أَي قويت بهَا كفي ثمَّ كثر حَتَّى جرى على معنى مَالك فِي الحكم كَالصَّبِيِّ الْمَالِك لما لَا يقدر على تصريفه إِلَّا فِي الحكم أَي حكمه حكم الْقَادِر على تصريف مَاله وَلذَلِك لم يحسن إِطْلَاق الصّفة بِرَبّ إِلَّا على الله تَعَالَى وَالصّفة بِرَبّ أَيْضا تَقْتَضِي معنى المصلح وَمِنْه رببت النِّعْمَة إِذا أصلحتها بإتمامها وأديم مربوب مصلح وَيجوز أَن يُقَال إِن قَوْلنَا رب يَقْتَضِي معنى ولَايَة الْأَمر حَتَّى يتم وَمن ثمَّ قيل رب الْوَلَد وَرب السمسم وشَاة ربى وَهِي مثل النُّفَسَاء من النِّسَاء وَقيل لَهَا ذَلِك لِأَنَّهَا تربي