الْفرق بَين مَا يُخَالف الْغنى
الْفرق بَين الْفقر والمسكنة
أَن الْفقر فِي مَا قَالَ الْأَزْهَرِي فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى (إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين) الْفَقِير الَّذِي لَا يسْأَل والمسكين الَّذِي يسْأَل وَمثله عَن ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَجَابِر بن زيد وَمُجاهد وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَهَذَا يدل على أَنه رأى الْمِسْكِين اضعف حَالا وأبلغ فِي جِهَة الْفقر وَيدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى (للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله) إِلَى قَوْله تَعَالَى _ يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف) فوصفهم بالفقر وَأخْبر مَعَ ذَلِك عَنْهُم بالتعفف حَتَّى يَحْسبهُم الحاهل بحالهم أَغْنِيَاء من التعفف وَلَا يَحْسبهُم أَغْنِيَاء إِلَّا وَلَهُم ظَاهر جميل وَعَلَيْهِم برة حَسَنَة وَقيل لأعرابي أفقير أَنْت فَقَالَ بل مِسْكين وَأنْشد من الْبَسِيط
(أما الْفَقِير الَّذِي كَانَت حلوبته ... وفْق فَلم يتْرك لَهُ سبد)
فَجعل للْفَقِير حلوبة الْمِسْكِين الَّذِي لَا شَيْء لَهُ فَأَما قَوْله تَعَالَى (فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر) فَأثْبت لَهُم ملك سفينة وَسَمَّاهُمْ مَسَاكِين فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنهم كَانُوا أجراء فِيهَا ونسبها إِلَيْهِم لتصرفهم فِيهَا
والكون فِيهَا كَمَا قَالَ تعال (لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي) ثمَّ قَالَ (وَقرن فِي بيوتكن) وَعَن أبي حنيفَة فِي من قَالَ مَالِي للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين أَنَّهُمَا صنفان وَعَن أبي يُوسُف أَن نصف المَال لفلن وَنصفه للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَهَذَا يدل على أَنه جَعلهمَا صنفا وَاحِدًا وَالْقَوْل قَول أبي حنيفَة وَيجوز أَن يُقَال الْمِسْكِين هُوَ الَّذِي يرق لَهُ الْإِنْسَان إِذا تَأمل حَاله وكل من يرق لَهُ الْإِنْسَان يُسَمِّيه مِسْكينا
أَن الإعدام أبلغ فِي الْفقر وَقَالَ أهل اللُّغَة المعدم الَّذِي لَا يجد شَيْئا وَأَصله من الْعَدَم خلاف الْوُجُود وَقد أعدم كانه صَار ذَا عدم وَقيل فِي خلاف الْوُجُود عدم للْفرق بَين الْمَعْنيين وَلم يقل