الْبَاب الثَّانِي عشر
فِي الْفرق بَين الْقسم والحظ والنصيب وَبَين السخاء والجود وأقسام العطيات وَبَين الْغنى وَالْجدّة وَمَا يُخَالف ذَلِك من الْفقر والمسكنة
أَن كل قسم حَظّ وَلَيْسَ كل حَظّ قسما وَإِنَّمَا الْقسم مَا كَانَ عَن مقاسمة وَمَا لم يكن عَن مقاسمة فَلَيْسَ بقسم فالإنسان إِذا مَاتَ وَترك مَالا ووارثا وَاحِد قيل هَذَا المَال كُله حَظّ هَذَا الوراث وَلَا يُقَال هُوَ قسْمَة لِأَنَّهُ لَا مقاسم لَهُ فِيهِ فالقسم مَا كَانَ من جملَة مقسومة والحظ قد يكون ذَلِك وَقد يكون الْجُمْلَة كلهَا
أَن النَّصِيب يكون فِي المحبوب وَالْمَكْرُوه يُقَال وفاه الله نصِيبه من لنعيم أَو من الْعَذَاب وَلَا يُقَال حَظه من الْعَذَاب إِلَّا على اسْتِعَارَة بعيدَة لِأَن أصل الْحَظ هُوَ مَا يحظه الله تَعَالَى للْعَبد من الْخَيْر والنصيب مَا نصب لَهُ ليناله سَوَاء كَانَ محبوبا أَو مَكْرُوها وَيجوز أَن يُقَال الْحَظ اسْم لم يرْتَفع بِهِ المحظوظ وَلِهَذَا يذكر على جِهَة الْمَدْح فَيُقَال لفُلَان حَظّ وَهُوَ محظوظ والنصيب مَا يُصِيب الْإِنْسَان من مقاسمة سَوَاء ارْتَفع بِهِ شَأْنه أم لَا وَلِهَذَا يُقَال لفُلَان حَظّ فِي التِّجَارَة وَلَا يُقَال لَهُ نصيب فِيهَا لِأَن الرِّبْح الَّذِي يَنَالهُ فِيهَا لَيْسَ عَن مقاسمة
أَن بَعضهم قَالَ إِن الْحصَّة هِيَ النَّصِيب الَّذِي بَين وكشف وجوهه وزالت عَنهُ وأصها من الحصص وَهُوَ أَن يحص الشّعْر عَن مقدم الرَّأْس حَتَّى ينْكَشف وَمِنْه قَول ابْن السكيت