الْبَاب الْعَاشِر
الْفرق بَين الْجِسْم والجزم
أَن جرم الشَّيْء هُوَ خلقته الَّتِي خلق عَلَيْهَا يُقَال فلَان صَغِير الجرم اي صَغِير من أصل الْخلقَة وأصل الجرم فِي الْعَرَبيَّة الْقطع كَأَنَّهُ قطع على الصغر أَو الْكبر وَقيل الجرم أَيْضا الْكَوْن والجرم الصَّوْت أورد ذَلِك بَعضهم قَول بَعضهم الجرم اسْم الْجِنْس الآجسام وَقيل الجرم الْجِسْم الْمَحْدُود والجسم هُوَ الطَّوِيل العريض العميق وَذَلِكَ أَنه إِذا زَاد فِي طوله وَعرضه وعمقه قيل إِنَّه جسم وأجسم من غَيره
فَلَا تَجِيء الْمُبَالغَة من لفظ اسْم عِنْد زِيَادَة معنى إِلَّا وَذَلِكَ الِاسْم موضعوع لما جَاءَت الْمُبَالغَة من لفظ اسْمه أَلا ترى أَنه لَا يُقَال هُوَ أقدر من غَيره إِلَّا والمعلومات لَهُ أجلى وَأما قَوْلهم أَمر جسيم فمجاز وَلَو كَانَ حَقِيقَة الجاز فِي غير الْمُبَالغَة فَقيل أَمر جسيم وكل مَا لَا يُطلق إِلَّا فِي مَوضِع مَخْصُوص فَهُوَ مجَاز
أَن الشَّيْء مَا يرسم بِهِ بِأَنَّهُ يجوز أَن يعلم ويخبر عَنهُ والجسم هُوَ الطَّوِيل العريض العميق وَالله تَعَالَى يَقُول (وكل شَيْء فَعَلُوهُ فِي الزبر) وَلَيْسَ أفعلا الْعباد أجساما وَأَنت تَقول لصاحبك لم تفعل فِي حَاجَتي شَيْئا وَلَا تَقول لم تفعل فِيهَا جسما
والجسم اسْم عَام يَقع على الجرم والشخص والجسد وَمَا بسبيل ذَلِك وَالشَّيْء أَعم لِأَنَّهُ يَقع على الْجِسْم وَغير الْجِسْم
أَن الشَّخْص مَا ارْتَفع من الْأَجْسَام من قَوْلك شخص إِلَى كَذَا إِذا ارْتَفع وشخصت بَصرِي إِلَى كَذَا أَي رفعته اليه وشخص غلى بلد كَأَنَّهُ ارْتَفع إِلَيْهِ والإشخاص يدل السخط وَالْغَضَب مثل الْإِحْصَار