إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فهذا كتاب "الفروسية المحمدية" للإمام العلَّامة أبي عبد الله محمَّد بن أبي بكر بن أيوب بن قيِّم الجوزية، ألَّفه بعد ما وقع له امتحان من بعض علماء عصره بسبب ما كان يفتي به من عدم اشتراط المحلِّل في السباق والنضال، فأظهر الموافقة للجمهور إخمادًا ودرءًا للفتنة.
فألَّف هذا الكتاب وأورد فيه مسألة اشتراط المحلل في السباق، واستوفى أدلَّة الفريقين، ثمَّ أشار إلى مَنْ أنكر عليه هذا القول والإفتاء به، وأن سبب ذلك الركون إلى التقليد، ثمَّ ذكر أحكام الرهن في مسائل كثيرة تتعلق بالرمي والسبق كما سيأتي بيانه. وكل هذا إحقاقًا للحق - فيما يعتقده - وبيانًا بعدم رجوعه عن القول بذلك، والله أعلم.
ولما أمر الله سبحانه وتعالى بجدال الكفار والمنافقين، وجلاد أعدائه المشاقِّين والمحاربين؛ فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)} [التحريم: 9]، وقال: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]،