فشمر الصّديق رَضِي الله عَنهُ من جده عَن سَاق غير خوار وانتضى سيف عزمه الَّذِي هُوَ ثَانِي ذِي الفقار وامتطى من ظُهُور [عَزَائِمه] جوادا لم يكن يكبو يَوْم السباق وَتقدم جنود الاسلام فَكَانَ أفرسهم إِنَّمَا همه اللحاق وَقَالَ وَالله لأجاهدن أَعدَاء الْإِسْلَام جهدي ولأصدقنهم الْحَرْب حَتَّى تنفرد سالفتي أَو افرد وحدي ولأدخلنهم فِي الْبَاب الَّذِي خَرجُوا مِنْهُ ولأردنهم إِلَى الْحق الَّذِي رَغِبُوا عَنهُ فَثَبت الله بذلك الْقلب الَّذِي لَو وزن بقلوب الْأمة لرجحها جيوش الْإِسْلَام وأذل بهَا الْمُنَافِقين والمرتدين وَأهل الْكتاب وَعَبدَة الْأَصْنَام حَتَّى استقامت قناة الدّين [من] بعد اعوجاجها وَجَرت الْملَّة الحنيفية على سننها ومنهاجها وَتَوَلَّى حزب الشَّيْطَان وهم الخاسرون وَأذن مُؤذن الايمان على رُؤُوس الْخَلَائق {فَإِن حزب الله هم الغالبون} [الْمَائِدَة 56]
هَذَا وَمَا ضعفت جيوش عزماته وَلَا استكانت وَلَا وهنت بل لم تزل الجيوش بهَا مؤيدة ومنصورة وَمَا فرحت عزائم اعدائه بالظفر فِي موطن من المواطن بل لم تزل مغلوبة مَكْسُورَة
تِلْكَ لعمر الله الشجَاعَة الَّتِي تضاءلت لَهَا فرسَان الْأُمَم والهمة الَّتِي تصاغرت عِنْدهَا عليات الهمم ويحق لصديق الْأمة أَن يضْرب من هَذَا الْمغنم بأوفر نصيب وَكَيف لَا وَقد فَازَ من مِيرَاث النُّبُوَّة بِكَمَال التعصب
وَقد كَانَ الْمَوْرُوث صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ أَشْجَع النَّاس فَكَذَلِك وَارثه وخليفته من بعده أَشْجَع الْأمة بِالْقِيَاسِ وَيَكْفِي أَن عمر بن الْخطاب سهم من كِنَانَته وخَالِد بن الْوَلِيد سلَاح من أسلحته والمهاجرون وَالْأَنْصَار أهل بيعَته وشوكته وَمَا مِنْهُم الا من اعْترف أَنه يستمد من ثباته وشجاعته