فَقَالَت طَائِفَة سَبِيل السهْم إِذا خرج من كبد الْقوس أَن يقطع مَا بَينه وَبَين الْغَرَض فِي خطّ الاسْتوَاء بِغَيْر صعُود وَلَا هبوط بل محاذيا للموضع الَّذِي خرج مِنْهُ فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ على خلاف ذَلِك فِي ارتفاعه ونزوله طلبنا عِلّة ذَلِك فرأيناه من وَاحِد من ثَلَاث إِمَّا من الْقوس وآفته فِيهِ وَإِمَّا من السهْم وَإِمَّا من الرَّامِي فَلَا بُد من آفَة خُفْيَة فِي وَاحِد من هَذِه الثَّلَاث
وَردت طَائِفَة أُخْرَى هَذَا القَوْل وَقَالَت مَا رَأينَا راميا وَلَا نقل إِلَيْنَا إبدا أَنه رمي بِسَهْم فَقطع المدى فِي خطّ الأستواء محاذيا لموْضِع مخرجه لَا صاعدا وَلَا نازلا وَلم تخل الأَرْض من رام لَا آفَة فِي رميه وَلَا قوسه وَلَا سَهْمه بِحَيْثُ تجمع الرُّمَاة على اعْتِدَال الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة وسلامتها من كل عيب
وَقَالَ آخَرُونَ الْعلَّة فِي الِارْتفَاع والانخفاض من جِهَة اخْتِلَاف بِنَاء الْقوس فَإِنَّهَا إِذا غلبت بَيتهَا الْأَعْلَى ارْتَفع السهْم فِي أول مداه وَإِذا غلب الْأَسْفَل ارْتَفع فِي آخر مداه
ورد عَلَيْهِم آخَرُونَ مِنْهُم وَقَالُوا هَذَا لَا يَصح لأَنا نجد الْقوس المعتدلة الْبَيْتَيْنِ الصَّحِيحَة التَّرْكِيب بيد الرجل الحاذق فِي الرَّمْي يرْتَفع عَنْهَا السهْم جدا وَرُبمَا ارْتَفع أَكثر من ارْتِفَاع من هُوَ دونه
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى لَيْسَ ارْتِفَاع السهْم من قبل الْقوس وَلَا الرَّامِي وَلَا من قبل السهْم فِي نَفسه بل من أَمر خَارج وَهُوَ الْهَوَاء [الْحَامِل لَهُ وَذَلِكَ أَن السهْم] إِذا كَانَ شَدِيدا [ثقيلا والقوس صلبة قطع الْهَوَاء و] مر سَادًّا وَإِن كَانَ خَفِيفا حمله الْهَوَاء فارتفع
قَالَ وَالْحجّة على ذَلِك أَن الْمركب إِذا كَانَ ثقيلا غاص فِي المَاء وَإِن كَانَ خَفِيفا ارْتَفع والهواء للسهم مثل المَاء للمركب