فَإِن استبقا بِغَيْر غَايَة لينْظر أَيهمَا يقف أَولا لم يجز لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَنه لَا يقف أَحدهمَا حَتَّى يَنْقَطِع فرسه فيتعذر الحكم للْآخر بِالسَّبقِ كَمَا لَو مَاتَ فرس الآخر أَو انْكَسَرَ
وَكَذَلِكَ [أَيْضا] يشْتَرط معرفَة مدى الرَّمْي إِمَّا بِالْمُشَاهَدَةِ والرؤية وَإِمَّا بالذرعان لِأَن الْإِصَابَة تخْتَلف بِالْقربِ والبعد
وَيجوز أَن يجعلا غَايَة مَا يتفقان عَلَيْهِ إِلَّا أَن يجعلا مَسَافَة بعيدَة تتعذر الْإِصَابَة فِي مثلهَا غَالِبا - وَهُوَ مَا زَاد على ثَلَاث مئة ذِرَاع -[فَلَا يَصح لِأَن] الْغَرَض يفوت بذلك وَقد قيل إِنَّه مَا رمى فِي أَربع مئة ذِرَاع إِلَّا عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ
هَذَا كَلَام أَصْحَاب أَحْمد
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ من أَصْحَاب الشَّافِعِي إِذا كَانَت الْمسَافَة مئتين وَخمسين ذِرَاعا جَازَ وَإِن زَادَت على ثَلَاث مئة وَخمسين لم يجز وَفِيهِمَا بَينهمَا وَجْهَان وَهَذَا التَّقْدِير لَيْسَ مَعَهم بِهِ نَص من الإِمَام وَلَا دَلِيل من [جِهَة] الشَّرِيعَة
وَقَالَ الخراسانيون مِنْهُم إِن كَانَت الْمسَافَة تقرب الْإِصَابَة فِيهَا