(حجَّة القَوْل السَّابِق) وَحجَّة هَذَا القَوْل أَنه لَا يعود إِلَى الْمخْرج سبقه بِحَال أَنه مَتى عَاد إِلَيْهِ إِذا كَانَ غَالِبا لم يكن جعَالَة لِأَن الْإِنْسَان لَا يبْذل الْجعل من مَاله لنَفسِهِ (على) عمل يعمله فَإِذا كَانَ سَابِقًا فَلَو أحرز سبق نَفسه لَكَانَ قد بذل من مَال نَفسه جعلا على عمل يعمله هُوَ وَهَذَا غير جَائِز فَإِنَّهُ لَا يحصل لَهُ بذلك فَائِدَة
قَالُوا وَأَيْضًا فَفِيهِ شبه الْقمَار لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يغرم وَإِمَّا أَن يسلم وَهَذَا شَأْن الْقمَار بِخِلَاف الْجَاعِل إِذا كَانَ أَجْنَبِيّا فَإِنَّهُ غَارِم لَا محَالة
قَالُوا فالجاعل هُنَا يلْزمه بذل المَال الَّذِي جعله للسابق لِأَنَّهُ بذله على عمل وَقد وجد كَمَا يلْزم ذَلِك فِي نَظَائِره قَالُوا وَهَذَا على أصُول أهل الْمَدِينَة ألزم فَإِنَّهُ يلْزمه الْوَفَاء بالوعد إِذا تضمن تَقْرِير كمن قَالَ لغيره تزوج وَأَنا أنقد عَنْك الْمهْر واستدن وكل وَأَنا أوفي عَنْك وَنَحْو هَذَا وَهُوَ بِلَا خلاف عِنْدهم وَبِخِلَاف عندنَا
وَأما إِذا لم يتَضَمَّن تقريرا فَفِيهِ خلاف بَين الْأَصْحَاب وَأَصْحَاب هَذَا القَوْل يَقُولُونَ مَتى كَانَ الْجَاعِل يغرم مُطلقًا فَهُوَ جَاعل وَمَتى كَانَ دائرا بَين أَمريْن كَانَ مقامرا سَوَاء دَار بَين أَن يغنم وَيغرم أَو بَين أَن يغرم وَيسلم أَو بَين أَن يغنم وَيسلم لِأَن المقامرة هِيَ المخاطرة عِنْدهم وَقد تقدم (مَا) فِي هَذِه الْحجَّة عِنْد ذكر الْوُجُوه الدَّالَّة على إبِْطَال الْمُحَلّل