وأقلّ القليل من الفِرق والطوائف الضالّة من تحتج بألفاظ وحروف محرّفة من القرآن وإنما يحتجون بما فهموه من معانٍ لم يُردْها من تكلم به سبحانه وما فسّره بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا من سار على نهجهم.
إن أيّ شخص لوْ تكلم بكلام ثم فُهِمَ من كلامه غير مراده لصار هذا بمثابة تغيير كلامه، وهل المراد من الألفاظ إلا المعاني؟.
كيف بكلام الجليل سبحانه؟ أيجوز أن يأتي كل جيل فيفسرونه على مقتضى أحوالهم وأمورهم وما أحدثوه؟.
إن هذا تبديل وتغيير خطير، فلا بد إذاً من ضابط لتفسير كلام الله وقد تقدم ويأتي إن شاء الله زيادة بيان.
قال شيخ الإسلام بعد الكلام المتقدم الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن للصحابة تفسير القرآن قال:
وذلك أن الله تعالى قال: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ) وقال: (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) وقال: (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ).
وتدبّر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن، وكذلك قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وعقل الكلام متضمن لفهمه، ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرّد ألفاظه، فالقرآن أوْلى بذلك.