صعيد واحد وعاوَن بعضهم بعضاً بأبلغ المعاونة لعجزوا عن خلق ذباب واحد. ثم بيَّن عجزهم وضعفهم عن استنقاذ ما يسلبهم الذباب إياه حين يسقط عليهم، فأي شيء أضعف من هذا الإله المطلوب ومن عابده الطالب نفعه وحده؟.
فهل قَدَرَ القوي العزيز حق قدره من أشرك معه آلهة هذا شأنها، فأقام سبحانه حجة التوحيد وبيّن ذلك بأعذب ألفاظ وأحسنها، ولم يستكرهها غموض، ولم يشِنْها تطويل، ولم يعبها تقصير، ولم يُزر بها زيادة ولا نقص، بل بلغت في الحسن والفصاحة والبيان والإيجاز ما لا يتوهمه متوهّم، ولا يظن ظان أن يكون أبلغ من معناها منها.
وتحتها من المعنى الجليل القدر العظيم الشأن، البليغ في النفع ما هو أجلّ من الألفاظ. انتهى.
وقد قال رحمه الله في كتاب الأعلام: حقيقي على كل مسلم أن يُسْمع قلبه لهذا المثل ويتدبره حق تدبره فإنه يقطع مواد الشرك من قلبه. انتهى.
تأمل الفرق بين هذا المعنى العظيم المراد بهذا وبين ما يُهَوِّن شأن كلام رب العالمين وينقص قدره ويُسقط حرمته مما خاض به الخائضون وتهوك به المتهوكون يظهر لك الفرقان بين طرق الضلال وطريق الإيمان.