قطعاً أن المراد بيان اللفظ والمعنى فكما نقطع ونعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم بَيَّن اللفظ، فكذلك نتيقّن أنه بيّن المعنى، بل كانت عنايته ببيان المعنى أشد من عنايته ببيان اللفظ، وهذا هو الذي ينبغي فإن المعنى هو المقصود، وأما اللفظ فوسيلة إليه، فكيف تكون عنايته بالوسيلة أهم من عنايته بالمقصود، وكيف يُتَيَقّن بيانه للوسيلة ولا يُتَيقن بيانه للمقصود، وهل هذا إلا من أبيْن المحال؟.
فإن جاز عليه ألاّ يبين المراد من ألفاظ القرآن جاز عليه إلا يبين بعض ألفاظه. انتهى.
تأمله فإنه قاطع لحجة هؤلاء الذي فسروا القرآن وزعموا بيان معانيه على مقتضى علوم المعطلة، إنه كلام مُبَرْهَن لا يُجادل فيه إلا مكابر معاند، كلام حجته فيه وهو شرعي عقلي ومع إيجازه فقد أكمل معناه، قدس الله روحه ورضي الله عنه.
ووالله إن الأمر لفي غاية الخطورة أنْ حَسَّن الشيطان لأهل الوقت وسَهّل الكلام في معاني كلام الملك العلاّم، الذي لا يشبه كلامه كلام، كيف يُجعل مُصَدّقاً ومُؤيِّداً لخيالات مظلمة هي نَضْح أوَان قَذِرة من البرابرة الطغاة.
قال ابن جرير الطبري رحمه الله في (جامع البيان) 1/ 78 - 79 قال: فالقائل في تأويل كتاب الله الذي لا يدرك علمه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه وسلم