قلت:
لشام الرحمن مع كوف ورد ... ثم المديني أول الإنسان رد
وأقول: المعني أن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ} ورد عده للشامي والكوفي وتركه لغيرهما، وأن المديني -وإطلاقه يشمل المدنيين الأول والثاني- رد لفظ الإنسان في الموضع الأول أي لم يعده وهو قوله تعالى: {خَلَقَ الْأِنْسَان} الذي بعده {عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} فغير المدنيين بعده، وتقييد لفظ الإنسان بالأول للاحتراز عن الثاني وهو: {خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ} فليس معدودا لأحد.
قلت:
وأسقط المكي للأنام ... كثان نار للعراقي الشامي
والمجرمون ثانيا للكل ... إلا لبصري كما في النقل
وأقول: أخبرت في البيت الأول بأن المكي أسقط من عدد الآيات قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَام} فيكون ثابتا في عد غيره. وبأن إسقاط المكي لهذا الموضع كإسقاط لفظ نار الثاني للعراقي والشامي. والمراد قوله تعالى: {شُوَاظٌ مِنْ نَار} وإذا كان العراقي -البصري والكوفي- والشامي لا يعدون هذا الموضع فالحجازيون يعدونه، وقيدت لفظ نار بالثاني للاحتراز عن الأول وهو {مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَار} فإنه معدود إجماعا. وأخبرت في البيت الثاني بأن لفظ المجرمون في الموضع الثاني معدود لكل علماء العدد إلا للبصري فمتروك له، والمراد به قوله تعالى: {يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُون} وقيدته بالموضع الثاني لإخراج الموضع الأول وهو {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُون} فلم يعد لأحد.
وأماكن الخلف في هذه السورة، خمسة: الرحمن، خلق الإنسان، للأنام، من نار، بها المجرمون، والله أعلم.