ففي قوله: ((ويحل فيه الطعام)) دليل واضح على الإباحة، فلا يحل لكائن من كان أن يمنع الناس مما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم يكن هذا غلواً فلا غلو في الدين.
وأوضح من هذا؛ ما أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن بليل ... )) الحديث.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنا معشر الأنبياء؛ أُمرنا أن نُعجِّل إفطارنا، ونُؤخر سحورنا ... )) الحديث أخرجه الطيالسي، والطبراني، وابن حبان، وغيرهم، وصحّحه شيخنا الألباني في " صحيح الجامع ".
إن من المعلوم عند كل مسلم، أن العبادات المقيدة بوقت يجب أداؤها في الوقت المحدد لها .. دون تقديم أو تأخير، وفي كثير من الأحيان يترتب على التقديم أو التأخير بطلان العبادة بالكلية.
ومن هذه العبادات: الصلاة والصوم، التي علقت بأوقات منضبطة، يعلم الناس وقتها عن طريق الأذان وغيره؛ ولهذا حمّل الإسلام المؤذنين أمانة عظيمة، وجعلهم شهداء للناس ومبلغين حكم الله، وأمناء على سحورهم وصلاتهم التي هي أعظم شعائر الإسلام.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((المؤذنون أمناء المسلمين على فطرهم وسحورهم))، وفي لفظ: ((على صلاتهم وحاجتهم)) (?)، وقال تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا} (72) الأحزاب
ولهذا؛ وجب على المؤذنين ضبط أذانهم بالأوقات الشرعية، فلا يتقدموا ولا يتأخروا، وبخاصة وقت الفجر في رمضان، وليحذروا أن يقدموا شيئاً من عرض الدنيا من وظيفة أو مال، أو هوى للناس على هذه الأمانة، فيكونوا ممن لم يؤد الأمانة، وممن كان ظلوماً جهولاً.
فإن هم أذنوا قبل الوقت كان عليهم إثم من صلى قبل الوقت - وصلاته وقتئذ باطلة - وهو إثم عظيم، وعليهم كذلك إثم منع الناس مما أباحه الله ورسوله من الأكل والشرب.