وللقراءة آداب ومقاصد، وقد جمعت قبل هذا فيها كتابًا مختصرًا مشتملًا على نفائسَ من آداب القراء والقراءة وصفاتها وما يتعلق بها، لا ينبغي لحامل القرآن أن يخفى عليه مثله، وأنا أشير في هذا الكتاب إلى مقاصد من ذلك مختصرة، وقد دللت من أراد ذلك وإيضاحَه على مظِنَّتِه، وبالله التوفيق.
فصل: ينبغي أن يحافظ على تلاوته ليلًا ونهارًا، سفرًا وحضرًا، وقد كانت للسلف رضي الله عنهم عادات مختلفة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مشتمل على الذكر مع زيادة ما يقتضيه من الفكر والتأمل في لطف مبانيه والعمل بما فيه فكان الاشتغال به أفضل نعم ما ورد من الذكر مختصًا بمكان أو زمان أو حال كأذكار الطواف وليلة الجمعة وحال النوم فالاشتغال به أفضل من الاشتغال بالتلاوة كما تقدم بيانه في باب فضل الذكر أوائل الكتاب. قوله: (ولِلْقَرَاءَةِ آداب) جمع أدب وهو كما تقدم يشارك السنة في أصل الطلب ويفارقها في أنها آكد منه وسيأتي في باب أدب الدعاء زيادة فيه. قوله: (ومقَاصِدُ) جمع مقصد أي أمور يقصد القارئ معرفتها. قوله: (وقَدْ جَمعْتُ الخ) سماه التبيان في علوم القرآن ثم اختصره في نحو كراسين وكذا اختصر كتاب التبيان الشيخ أبو الحسن البكري وقد نظم مقاصد التبيان العلامة ابن العماد الأقفهسي في قصيدة نونية. قوله: (لَا ينْبغي لحَاملِ القرْآنِ أَنْ يخْفى علَيهِ مثْلُهُ) لا ينبغي يكون للتحريم تارة وللكراهة أخرى كما في التحفة لابن حجر. قوله: (مَظِنَّته) بفتح الميم وكسر الظاء المعجمة وتشديد النون بعدها فوقية والمظنة ما يظن وجود الشيء فيه قال الشيخ عثمان الديمي كان حقه فتح الظاء كما هو قياس بناء أسماء المكان إلَّا أنه كسر للحاق التاء آخره.
فصل
قوله: (وقَدْ كانَتْ لِلسلَفِ عادَاتٌ مختَلفة الخ) قال الحافظ أخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب الشريعة بسند فيه مبهم عن مكحول قال كان أقوام من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأون القرآن في سبع وبعضهم في شهر وبعضهم في شهرين وبعضهم في أكثر من ذلك قال الحافظ هو أثر ضعيف من أجل
المبهم ومن أجل أن مكحولًا لم يسمع من الصحابة إلَّا من عدد يسير قال