الباقي، الوَارِثُ، الرشِيدُ، الصَّبُورُ"

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هو الذي لم يعهد له مثل في ذاته ولا نظير في صفاته ومرجعه بالمعنى الأول إلى صفات الأفعال وبالمعنى الثاني إلى صفات التنزيه (الباقِي) أي الدائم الوجود الذي لا يجري عليه عدم ولا فناء فلا انصرام لوجوده ولا انقطاع لبقائه قال الأستاذ أبو القاسم القشيري ما حاصله مع زيادة عليه الباقي من له صفة البقاء ولا يجوز اتصاف مخلوف بصفة الذات للحق سبحانه فلا يجوز كونه عالما لعلمه أو قادرًا بقدرته لاستحالة قيام وصف القديم بالحادث كعكسه وحفظ ذلك أصل التوحيد قال بعض من لا دين لهم إن العبد يصير باقيا ببقاء الحق عالمًا بعلمه سامعًا بسمعه وهذا خروج عن الدين وانسلاخ عن الإسلام بالكلية ولا حجة في خبر كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به الحديث إذ ليس فيهن أنه يسمع بسمعي أو يبصر ببصري وإنما فيه فبي يسمع وبي يبصر الخ، وشتان ما بينهما وما أحسن قول بعضهم الله باقٍ ببقائه والعبد بإبقائه اهـ. لاشتماله على الفرق بين البقاء والإبقاء وأن الأول مختص بالله والثاني متصل أثره بالعبد (الوَارِثُ) الباقي بعد فناء جميع المخلوقات فيرجع إليه الأملاك بعد فناء الملاك وهذا بالنظر العامي أما بالنظر الحقيقي فهو المالك على الإطلاق من أزل الأزل إلى أبد الأبد لم يتبدل ملكه ولا يزال كما قيل الوارث الذي يرث بلا توريث أحد الباقي الذي ليس لملكه أمد (الرَّشيدُ) الذي تنساق تدابيره إلى غاياتها على سنن السداد من غير استيشار وإرشاد وقيل المرشد فعيل بمعنى مفعل كأليم ووجيع فيكون بمعنى الهادي وقيل هو الموصوف بالعدل في حكمه والصدق في قوله فهو بمعنى اسمه العدل وقيل هو المتعال عما لا يكون واصلا إلى غاية الكمال فيرجع إلى اسمه المتعال (الصبور) الذي لا يعجل في مؤاخذه العصاة ومعاقبة المذنبين

وقيل الذي لا تحمله العجلة على المسارعة إلى الفعل قبل أوانه وهو أعم من الأول كذا قال السيوطي في قوت المغتذي ونظر فيه ابن حجر في شرح المشكاة وقال القولين واحد بل مآل مفهومهما أنه يعاقب بالآخرة ما لم يعف عنه والفرق بينه وبين الحليم أن المذنب لا يأمن العقوبة من صفة الصبور كما يأمنها من صفة الحليم وأتى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015