وروينا في "صحيح البخاري" في أوائل "كتاب الجهاد" عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ دبر الصلاة بهؤلاء الكلمات: "اللهُم إني أعُوذ بكَ منَ الجُبْنِ، وأعُوذُ بِكَ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأعُوذُ بِكَ

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الحافظ في الفتح التفرقة بين أن ينوي عند الانتهاء إلى الحد المخصوص الامتثال ثم يزيد فيثاب وبين أن يزيد بغير نية بأن يكون الثواب على عشرة فيرتبه هو مائة فيتجه عدم الثواب ومثله بالدواء فيما سبقه اهـ، وفي التحفة لابن حجر وأوجه منه تفصيل آخر هو أنه أن زاد لنحو شك عذر أو لتعبد فلا لأنه مستدرك على الشارع وهو ممتنع.

قوله: (وَرَوَينَا في صحِيح البخَاري الخ) ورواه النسائي والترمذي والنسائي أيضًا عن سعد ولفظ صحيح البخاري عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن ميمون الأودي قال كان سعد يعني ابن أبي وقاص يعلم بنته هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة ويقول إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ بهن دبر كل صلاة اللهم إني أعوذ بك من الجبن الخ. قال عبد الملك فحدثت به مصعب بن سعد فصدقه أخرجه البخاري في باب التعوذ من الجبن في كتاب الجهاد وأخرجه في أواخر صفة الصلاة وفي الدعوات عن عبد الملك بن عمير عن مصعب بن سعد عن أبيه وليس فيه ذكر عمرو بن ميمون ولا التقييد بدبر الصلاة وقد أخرجه الترمذي والنسائي عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن ميمون ومصعب بن سعد جميعًا عن سعد وزاد فيه دبر الصلاة وكذا أخرجه ابن خزيمة قاله الحافظ. قوله: (منَ الجُبنِ) بضم الجيم وسكون الموحدة وبفتحتين على ما في القاموس يقال جبان كسحاب وشداد قال ميرك وقد ورد في هذا الحديث عند البخاري زيادة هي وأعوذ بك من البخل فقيل الجود اما بالنفس وهو الشجاعة ومقابله الجبن أو بالمال وهو السخاوة ويقابله البخل ولا تجتمع الشجاعة والسخاوة إلَّا في نفس كاملة ولا ينعدمان إلّا في متناه في النقص إذ البخل يقطع عن الوصول إلى

الحضرة الإلهية ويوجب لها الحرمان عن الظفر بشيء من معارفها الربانية. قوله: (وأَعُوذُ بكَ منَ أَن أرَدَّ) هو بالبناء للمجهول أي من الرجوع إلى أرذل العمر بضمتين وقد تسكن الميم أي إلى آخر العمر، هو أرذله لاستلزامه العجز والهرم والخرف والعود إلى حال الطفولية المنافي لما خلق له الإنسان من العلم والمعرفة وأداء العبادات الباطنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015