أحْفَظُها عَلَيكُمْ، فمَن وَجَدَ خَيراً فَلْيَحْمدِ الله عَزَّ وَجَلَّ، ومَن وجَدَ غَير ذلكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
والطالحة. قوله: (أحصيها عليكم) بضم الهمزة أي أضبطها وفي نسخة (أحفظها عليكم) أي بعلمي وملائكتي الحفظة واحتيج لهم لا لنقصه عن الإحصاء بل ليكونوا شهداء بين الخالق وخلقه وقد يضم إليهم شهادة الأعضاء زيادة في العدل ثم الحصر في هذا الخبر إنما هو بالنسبة لجزاء الأعمال أي لا جزاء مقسم إلى خير وغيره إلا عن عمل يكون سبباً له وأما الزيادة على ذلك من الفضل والإكرام مما صحت به النصوص وقام عليه الإجماع فلم يتعرض له الخبر بنفي ولا إثبات وتلك النصوص الثابتة الناطقة بالزيادة من محض الفضل والإحسان لا معارض لها فواجب الأخذ بها. قوله: (ثم أوفيكم إياها) أي جزاءها في الآخرة قال تعالى: {وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} فلما حذف المضاف انقلب المجرور منصوباً منفصلاً أو في الدنيا أيضاً. قوله: (فمن وجد خيراً) أي عملاً يثاب عليه أو وجد ثواباً ونعيماً بأن وفق لأسبابهما أو حياة طيبة هنيئة مريئة كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. قوله: (فليحمد الله) أي على توفيقه لذلك العمل الذي يترتب عليه الخير والثواب فضلاً منه ورحمة وعلى إسدائه ما وصل إليه من عظم المبرات فعلم أنه إن أريد بذلك الآخرة فقط كان الأمر فيه بمعنى الإخبار وقد جاء مثل ذلك الإخبار في القرآن {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} وقال عن أهل النار {فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} وأخرج الترمذي ما من ميت يموت إلا ندم فإن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب وإن أريد به الدنيا ولو مع الآخرة فالأمر على بابه وفي الحديث أنه لا يجب عليه شيء كان لأحد من خلقه. قوله: (غير ذلك) أي شراً ولم يذكره تعليماً لنا كيفية الأدب في النطق بالكناية عما يؤذي وإشارة إلى أنه تعالى إذا اجتنب لفظه فكيف الوقوع فيه أو إلى أنه عزّ وجلّ كريم حي يحب الستر ويغفر الذنب