"إن اللهَ تَعالى كَتَبَ الإحْسانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذَا قتَلتُم فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُم فأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أحَدُكُمْ شَفرَتَهْ، ولْيُرِحْ ذَبيحَتَهُ"
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء) أي أوجب وقدر على الإنسان أي إيقاعه على مقتضى الشرع والإحسان يطلق على الإنعام وعلى إتقان الفعل أو طلب منه ذلك واعلم أن الإحسان لب الإيمان والإسلام بل خلاصتهما وليس شعبة من شعب الإيمان أو ركن من أركان الإسلام إلا وفي قرن به إحسان لائق به بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء وقد بين القصري في كتابه شعب الإيمان في كل شعبة من شعب الإيمان الإحسان اللائق بها رزقنا الله القيام بحقوقه وعصمنا من عقوقه. قوله: (القتلة) بكسر القاف كما قال المصنف أي هيئة القتل وحالته أي فأحسنوا القتل في كل قتيل حداً وقصاصاً. قوله: (وإذا ذبحتم) أي ما يحل ذبحه من البهائم (فأحسنوا الذبحة) بكسر الذال المعجمة الهيئة والحالة وبالفتح المصدر وفي رواية (الذبح) وكذا هو في أكثر نسخ مسلم وهو المصدر لا غير وإحسان القتلة بأن يكون بآلة غير كالة مع الإسراع وعدم قصد التعذيب وإحسان الذبح بذلك وبأن يرفق بالبهيمة فلا يصرعها بعنف وغلظة ولا يجرها إلى موضع الذبح جراً عنيفاً وبإحداد الآلة وتوجيهها إلى القبلة والتسمية ونية التقرب بذبحها إلى الله تعالى وقطع الحلقوم والمريء والودجين والاعتراف إلى الله تعالى بالمنة والشكر له على هذه النعمة الجسيمة وهي إحلاله وتسخيره تعالى لنا ما لو شاء لحرمه أو لسلطه علينا. قوله: (وليحد) بضم التحتية وكسر المهملة وتشديد الدال يقال أحد السكين وحدها واستحدها بمعنى والشفرة العريض من السكين والإحداد واجب إن كانت الآلة كالة بحيث يحصل بها للحيوان تعذيب وإلا فندب وينبغي حال حدها أن يواريها عنها لأمره -صلى الله عليه وسلم- بذلك. وقوله: (وليرح ذبيحته) أي ليوصل إليها الراحة بأن يعجل إمرار الشفرة ولا يسلخ قبل البرودة ويقطع من الحلقوم لا من القفا وعطف هذه الجملة على ما قبله لبيان فائدته إذ الذبح بآلة كالة يعذب