والإثْمُ ما حاكَ في نفْسِكَ وكرِهْتَ أن يطَّلِعَ عليهِ النَّاسُ".

الثامن عشر: عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وهو طلاقة الوجه وكف الأذى وبذل الندى وأن يحب للناس ما يحب لنفسه وهذا يرجع إلى تعبير بعضهم بأن الإنصاف في المعاملة والرفق في المجادلة والعدل في الأحكام والبذل والإحسان في اليسر والإيثار في العسر وغير ذلك من الصفات الحميدة والبر له إطلاقات فيكون بمعنى الطاعة بسائر أنواعها ومنه قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ} إلى قوله {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} وهذه الأمور كلها مجامع حسن الخلق وقد أشار تعالى إليها في آيات نحو {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} إلى قوله {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} إلى {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}. {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} إلى {هُمُ الْوَارِثُونَ}. {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} إلى آخر السورة، فمن أشكل عليه حاله فليعرض نفسه على هذه الآيات فوجود جميع ما فيها من الأوصاف علامة على حسن الخلق وفقده علامة على سوء الخلق ووجود البعض علامة على أن فيه من الحسن بحسب ما عنده ومن السوء بحسب ما فقده فليعتن بتحصيله ليفوز بسعادة الدارين وإذا قرن البر بالتقوى كما في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} فسر البر بمعاملة الخلق بالإحسان والتقوى بمعاملة الحق أو البر بفعل الواجبات والتقوى باجتناب المحرمات. قوله: (والإثم ما حاك الخ) ذكر للإثم أمرين أحدهما ما حاك في النفس أي الشيء الذي يؤثر نفرة وحزازة في القلب يقال حاك الشيء في قلبي إذا رسخ فيه وثبت قال ثم الكلام الحائك في القلب هو الراسخ فيه، وبمعنى هذا الحديث قوله في الحديث الآخر الإثم حزاز القلوب بتشديد الزاي أي الإثم ما رسخ وأثر في النفس اضطراباً وقلقاً ونفوراً وكراهة لعدم طمأنينتها ومن ثم لم يرض بالاطلاع عليه وهي الأمر الثاني كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "كرهت أن يطلع عليه النّاس" أي وجوههم وأماثلهم الذين يستحي منهم والمراد هنا الكراهة العرفية الجازمة فخرجت العادية كمن يكره أن يرى آكلاً لحياء أو بخل وغير الجازمة كمن يكره أن يركب بين مشاة لتواضع أو نحوه فإنه لو رؤي كذلك لم يبال وقد استفيد من هذا السياق أن للإثم علامتين وسببهما أن للنفس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015