حديث حسن رويناه في مسندَي أحمد والدارمي وغيرِهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جمع قيل بين هذا الحديث وما مر من حديث الحلال بين تعارض لاقتضاء هذا أن الشبهة إثم لأنه يتردد في النفس ومر أن ذلك يقتضي أنه غير إثم، وجوابه حمل هذا على ما تردد في الصدر لقوة الشبه ويكون من باب ترك أصل الحل لظاهر قوي وذلك على ما ضعفت فيه الشبهة فيبني على أصل الحل ويجتنب محل الشبهة ورعاً وفي جوابه -صلى الله عليه وسلم- لوابصة بهذا إشارة إلى متانة فهمه وقوة ذكائه وتنوير قلبه لأنه -صلى الله عليه وسلم- أحاله على الإدراك القلبي وعلم أنه يدرك ذاك من نفسه إذ لا يدرك ذلك إلا من كان كذلك وأما الغليظ الطبع الضعيف الإدراك فلا يجاب بذلك لأنه لا يتحصل منه على شيء وإنما يفصل له ما يحتاج إليه من الأوامر والنواهي الشرعية وهذا من جميل عادته -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه لأنه كان يخاطبهم على قدر عقولهم وقالت عائشة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينزل النّاس منازلهم. قوله: (هذا حديث حسن) وقال في بعض نسخ الأربعين له حديث صحيح. قوله: (رويناه في مسندي أحمد والدارمي) زاد في الأربعين بإسناد جيد وفي نسخة بإسناد حسن قال بعض شراحه فإن قلت ما حكمة قول المصنف أولاً حديث صحيح وقوله هنا بإسناد جيد قلت حكمته أنه لا يلزم من كون الحديث في المسندين المذكورين أن يكون صحيحاً فبين أولاً أنه صحيح وثانياً أن سبب صحته أن إسناد هذين الإمامين الذي أخرجاه به صحيحاً فبين أولاً حكمة أخرى حديثية وهي ما صرحوا به من أنه لا تلازم بين الإسناد والمتن فقد يصح السند أو يحسن لاستجماع شروطه من الاتصال والعدالة والضبط دون المتن لشذوذ فيه أو علة فنص المصنف أولاً على صحة المتن بقوله هذا حديث صحيح (وثانياً على صحة السند بقوله بإسناد جيد فإن قلت صرحوا بأن قولهم هذا حديث صحيح) مرادهم به اتصال سنده مع سائر الأوصاف في الظاهر لا قطعاً اهـ. فعليه لم يكتف المصنف بقوله أولاً هذا حديث صحيح عن قوله ثانياً بإسناد جيد، قلت وإن أرادوا ذلك إلا أنه لا يلزم منه الحكم على كل فرد من أسانيد ذلك الحديث بالصحة ومع ذلك هو أقوى من تقييد الصحة بالإسناد كما في قول المصنف بإسناد جيد لأنه حينئذٍ لا يبقى صريحاً