-صلى الله عليه وسلم- قال: "أمِرْتُ أنْ أُقاتِلَ النَّاسَ حتى يَشْهَدُوا أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لتعلقه بأخطر الأشياء وهو الدماء وبيان ما يحل منها وما لا يحل وأن الأصل فيها العصمة وهو كذلك عقلاً لأنه مجبول على محبة بقاء الصور الإنسانية المخلوقة في أحسن تقويم وشرعاً وهو ظاهر ولو لم يكن من وعيد القاتل إلا قوله -صلى الله عليه وسلم- من أعان على قتل مسلم (ولو بشطر) كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله وقد أجمع المسلمون على القتل بكل واحدة من هذه الخصال الثلاث وسيأتي في شرح الحديث بعد أن هذا الحديث مبين لحق الإسلام المذكور فيه وأن العصمة الثابتة فيه إنما تراعى ما دامت لم تهتك وهتكها إنما يتحقق بأحد هذه الثلاثة المذكورة في هذا الحديث. قوله: (أمرت) أي أمرني الله عزّ وجلّ إذ ليس فوق رتبته -صلى الله عليه وسلم- من يأمره
سوى الله عزّ وجلّ ومن ثم لم يأت فيه الاحتمال في قول الصحابي أمرنا أو نهينا لأن فوقه من يمكن إضافة الأمر إليه غير النبي -صلى الله عليه وسلم- من نحو خليفة ومعلم ووالد ورئيس لكن لما بعد هذا وكان الظاهر من حال الصحابي أنه لا يطلق ذلك إلا إذا كان الآمر أو الناهي هو النبي -صلى الله عليه وسلم- كان الاصح أن له حكم المرفوع وحذف الفاعل هنا تعظيماً من قولهم أمرنا بكذا ولا يذكرون الآمر تعظيماً. قوله: (أن أقاتل النّاس) أي بأن، لأن الأصل في أمر أن يتعدى للثاني بحرف الجر وتعديه إليه بنفسه كقوله أمرتك الخير قليل والمراد بالناس هنا عبدة الأوثان دون أهل الكتاب لأنهم يقولون: لا إله إلا الله، ثم يقاتلون ولا يرفع عنهم السيف حتى يقروا بالشهادتين قاله الخطابي لكنه إنما يجيء على رواية أبي هريرة لاقتصارها على لا إله إلا الله أما على رواية ابن عمر فالمراد بهم جميع الكفار وتاركو الصلاة أو الزكاة وإن كانوا مسلمين كما دل عليه الحديث ويأتي موضحاً في شرحه فتخصيص جمع النّاس هنا بما قاله الخطابي وهم لما عرفت وإنما لم يدخل الجن مع أن لفظ النّاس قد يشملهم كما قاله الجوهري ورسالته -صلى الله عليه وسلم- عامة لهم إجماعاً لأنه لم يرد أنه -صلى الله عليه وسلم- قاتل نوعاَ منهم داعياً لهم للتوحيد كما فعل ذلك بالإنس وإنما الذي جاء أن جماعة منهم كجن نصيبين وغيرهم أسلموا على يديه -صلى الله عليه وسلم- من غير قتال. قوله: (حتى يشهدوا الخ) صريحه أن الآتي بالشهادتين مؤمن حقاً وإن كان عن تقليد قال المصنف وهو مذهب المحققين والجماهير من